مسألة : قال
المزني رحمه الله تعالى : "
ولو اشترى العامل ، أو باع بما لا يتغابن الناس بمثله فباطل وهو للمال ضامن " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ؛ لأن
تصرف العامل في القراض موضوع لتثميره وتنميته ، فيلزمه في بيوعه وأشربته شرطان :
أحد شرطي شرائه : أن يشتري ما يرجو منه فضلا وربحا إما في الحال ، أو في ثاني حال ، فإن اشترى ما يعلم أن لا فضل فيه في الحال ، ولا في ثاني حال لم يجز لعدم الربح المقصود به .
والشرط الثاني : أن يكون الشراء إما مسترخصا إن كان بيعه في الحال ، أو بثمن مثله إن كان يتوقع فيه ربحا في ثاني حال .
[ ص: 354 ] فإن اشتراه بأكثر من ثمن مثله نظر : فإن كان الغبن فيه يسيرا قد يتغابن الناس بمثله كان معفوا عنه ؛ لأن العقود لا تخلو غالبا منه . وإن كان كثيرا لا يتغابن الناس بمثله لم يجز ، ثم ينظر في العقد :
فإن كان بعين المال بطل ، وإن كان في الذمة كان الشراء لازما لا في مال القراض .
وأما بيعه فبشرطين :
أحدهما : أن يتوقع به تناهي أسعاره المعهودة ليستكمل به الربح المقصود .
والشرط الثاني : أن يستوفي أوفر الأثمان الموجودة ؛ لأن بها محل بربح مقصود . فإن باعه بأقل من ثمن مثله نظر فيما غبن به :
فإن كان يسيرا قد يتغابن الناس بمثله كان معفوا عنه ؛ لأن العقود لا تخلو غالبا منه . وإن كان كثيرا لا يتغابن الناس بمثله لم يجز ، وكان البيع باطلا ، ولا ضمان عليه ما لم يقبض ، فإن قبض ضمن ، وفي قدر ما يضمنه قولان ذكرناهما في غير موضع .
أحدهما : وهو أصحهما أنه يضمن جميع القيمة .
والثاني : أنه يضمن ما قصر فيه من نقص القيمة .
ولا يبطل عقد القراض [ بضمانه ] ، لاستقراره بتصرفه .