فصل : والشرط الثاني
أن يكون نصيب العامل من الثمرة معلوما بجزء شائع فيها من نصف ، أو ربع ، أو عشر ، قل ذلك الجزء ، أو كثر كالمضاربة فإن جهل نصيبه بأن جعل له ما يرضيه ، أو ما يكفيه ، أو ما يحكم به الحاكم لم يجز للجهل به .
وهكذا
لو جعل له منها مائة صاع مقدرة لم يجز للجهل به من جملة الثمرة وأنه ربما كان جميعها ، أو سهما يسيرا منها .
فلو قال قد ساقيتك على هذه النخل سنة ، ولم يذكر قدر نصيبه من ثمرها فقد حكي عن
أبي العباس بن سريج جوازها وجعل الثمرة بينهما نصفين بالسوية حملا لها على عرف الناس في المساقاة والتسوية بينهما في الثمرة وهذا خطأ ؛ لأن ترك ذكر العوض في العقد لا يقتضي حمله على معهود الناس عرفا كالبيع والإجارة ، مع أن العرف فيه مختلف
فإذا قال عاملتك على هذه النخل سنة ، ولم يذكر قدر نصيبه منها لم يجز عند
أبي العباس بن سريج ؛ لأنه ليس للمعاملة عنده عرف ولو قال ساقيتك على مثل ما ساقى زيد عمرا فإن علما قدر ذلك جاز ، وإن جهلاه ، أو أحدهما لم يجز .
ويجوز أن يساقيه في السنين كلها على نصيب واحد مثل أن يقول على أن لك في السنين كلها النصف ويجوز أن يكون النصيب مختلفا فيكون له في السنة الأولى النصف وفي الثانية الثلث وفي الثالثة الربع ومنع
مالك من اختلاف نصيب العامل في كل عام حتى يساوي نصيبه في جميع الأعوام وهذا خطأ ؛ لأن ما جاز أن يكون العوض في أحواله متفقا جاز أن يكون مختلفا كالبيع ، والإجارة .
[ ص: 362 ] فإذا علم نصيب العامل ورب المال فمذهب
الشافعي - رضي الله عنه - أن العامل شريك في الثمرة بقدر حصته ، وقد خرج قول آخر أنه أجير كالمضارب ويختص رب المال بتحمل الزكاة دون العامل ، والأصح أنه شريك تجب الزكاة عليهما إن بلغت حصة كل واحد نصابا فإن كانت حصة كل واحد أقل من نصاب وجملة الثمرة نصابا ففي وجوب الزكاة قولان من اختلاف قوليه في الخلطة في غير المواشي هل يكون كالخلطة في المواشي .
فأما
سواقط النخل من السعف ، والسرغ ، والليف فهو لرب النخل ؛ لأنه ليس من مألوف النماء ، ولا مقصود النخل فإن شرطه العامل لنفسه بطل العقد لاختصاصه بما لا يشاركه رب المال فيه ، وإن شرطاه بينهما ففي المساقاة وجهان :
أحدهما : جائزة ؛ لأنه نماء كالثمرة .
والوجه الثاني : باطلة ؛ لأنه ليس من معهود النماء ، ولا مقصوده .