مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : " وإذا ساقاه على نخل وكان فيه بياض لا يوصل إلى عمله إلا بالدخول على النخل وكان لا يوصل إلى سقيه إلا بشرك النخل في الماء فكان غير متميز جاز أن يساقي عليه مع النخل لا منفردا وحده ولولا الخبر فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه دفع إلى
أهل خيبر النخل على أن لهم النصف من النخل والزرع وله النصف وكان الزرع كما وصفت بين ظهراني النخل لم يجز ذلك " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ،
والمخابرة هي دفع الأرض إلى من يزرعها على الشطر من زرعها ،
فإذا كان للرجل أرض ذات نخل فيها بياض فساقاه على النخل وخابره على البياض فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون البياض منفردا عن النخل ويمكن سقي النخل ، والتوصل إلى صلاحه من غير تعرض للبياض ، ولا تصرف فيه فلا تصح المخابرة عليه ، سواء قل البياض أو
[ ص: 366 ] كثر ، وسواء أفرده بالعقد ، أو جعله تبعا للمساقاة ؛ لأنه إذا استغنى عنه في المساقاة تميز بحكمه وانفرد عن غيره فبطل العقد فيه .
والضرب الثاني : أن يكون البياض بين النخل ، ولا يتوصل إلى سقي النخل إلا بسقيه والتصرف فيه فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون يسيرا ، والثاني : أن يكون كثيرا ، فإن كان يسيرا جاز أن يخابره عليه مع مساقاته على النخل تبعا لرواية
عبيد الله بن عمر عن
نافع عن
ابن عمر - رضي الله عنه -
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر وزرع ؛ ولأنه قد يجوز في توابع العقد ما لا يجوز أن يفرد بالعقد كالثمرة التي لم يبد صلاحها يجوز أن تباع تبعا للنخل من غير شرط ، ولا يجوز بيعها مفردة بغير شرط ، وكالحمل ، واللبن في الضرع يجوز بيعهما تبعا ، ولا يجوز بيعهما مفردا ولأن الضرورة داعية إلى المخابرة عليه إذا كان تبعا لئلا يفوت العمل فيه بغير بدل ، ولا تدعو الضرورة إلى إفراده بالعقد .
وإن كان البياض كثيرا يزيد على النخل ففي جواز المخابرة عليه تبعا وجهان ، أحدهما يجوز كاليسير للضرورة الداعية إلى التصرف فيه .
والوجه الثاني : لا يجوز ؛ لأن اليسير يكون تبعا للكثير ، ولا يكون الكثير تبعا لليسير .