فصل : فإذا صحت المخابرة على بياض الأرض تبعا للمساقاة على النخل فلا يخلو من أن يجمع بينهما في العقد ، أو يفردهما ، فإن
جمع بينهما في العقد فساقاه في العقد الواحد على النخل وخابره على البياض فلا يخلو قدر العوض فيهما من أن يتساوى ، أو يتفاضل ، فإن تساوى فقال قد ساقيتك على النخل وخابرتك على البياض على النصف من الثمرة ، والزرع صح العقد فيهما ، وإن تفاضل العوض فيهما فقال قد ساقيتك على النخل وخابرتك على البياض على نصف الثمرة وثلث الزرع ، أو على ثلث الثمرة ونصف الزرع ، فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : وهو قول البغداديين يجوز كما لو تساوى العرض فيهما .
والوجه الثاني : وهو قول البصريين أنه لا يجوز ؛ لأنهما إذا تفاضلا تميزا ، ولم يكن أحدهما تبعا للآخر ، ولا متبوعا .
فإن أفرد كل واحد منهما بعقد فساقاه على النخل في عقد وخابره على البياض في عقد آخر فهو على وجهين :
أحدهما : وهو قول البغداديين يجوز ؛ لأنه تبع للأصل فلم يؤثر فيه إفراده بالعقد ، والوجه الثاني : وهو قول البصريين أنه لا يجوز ؛ لأن العقود المنفردة لا يكون بعضها تبعا لبعض .
وعلى هذين الوجهين اختلفوا فيمن اشترى نخلا ذات ثمرة لم يبد صلاحها ثم اشترى الثمرة في عقد آخر بغير شرط القطع .
[ ص: 367 ] فأحد الوجهين جوازه ؛ لأنه تبع لأصل صار إلى مشتر واحد فصار كما لو جمعهما في عقد واحد .
والوجه الثاني : أنه لا يجوز لتفرد كل عقد بحكمه .
فإن قيل : فإذا جوزتم
المخابرة على البياض تبعا للمساقاة على النخل فهلا جوزتم إجارة النخل ، والشجر تبعا لإجارة الأرض .
قيل :
الفرق بينهما أن المساقاة ، والمخابرة لا تتجانسان ؛ لأنهما أعيان تؤخذ من أصول باقية فجاز العقد عليهما تبعا لتجانسهما ، وإجارة النخل والأرض مختلفتان ؛ لأن منافع الإجارة في الأرض آثار ومنافع الإجارة في النخل أعيان فلم يجز العقد عليهما تبعا لاختلافهما .