مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وله أن يؤاجر داره وعبده ثلاثين سنة .
الإجارة على سنة واحدة فيجوز : لأن الغرر يسير فيها ، والضرورة داعية إليها ، فأما ما زاد على السنة فقد حكي عن
مالك أنه جوزها إلى خمس سنين أو ست سنين لا غير ،
وللشافعي فيما زاد على السنة الواحدة قولان :
أحدهما : لا تجوز
الإجارة أكثر من سنة : لأن الإجارة غرر : لأنها عقد على منافع قد تسلم وقد لا تسلم ، فإذا قل الزمان قل غررها فجاز ، وإذا طال الزمان كثر غررها فبطل كالخيار ، والسنة الواحدة هي المدة التي تكمل فيها منافع الزراعة في الأرضين ، ولا يتغير غالبا فيها الحيوانات والدور فلذلك تقدرت مدة الإجارة بها وبطلت فيما جاوزها .
والقول الثاني : وهو أصح القولين هنا أن الإجارة تجوز أكثر من سنة قال
الشافعي هاهنا : ثلاثين سنة وقال في كتاب الدعوى والبينات ما شاء ووجه هذا القول - قوله تعالى -
قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج [ القصص : 27 ] ،
[ ص: 406 ] فدل ذلك على جواز الإجارة سنين ، وروي أن
عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - تكارى أرضا ، ولم تزل بيده حتى مات ، قال ابنه : ما كنت أراها إلا له من طول ما مكثت بيده حتى ذكرها عند موته وأمرنا بقضاء شيء بقي عليه من كرائها من ذهب أو ورق ؛ ولأن الضرورة قد تدعو في الإجارة إلى أكثر من سنة لا سيما في الغرس والبناء ، فصحت فيما زاد على السنة لأجل الضرورة كما صحت في السنة ولأن الإجارة عقد على منفعة كما أن البيع عقد على عين ثم لما لم تتقدر بيوع الأعيان فكذلك لا تتقدر بيوع المنافع .