الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ثم لا يزال وقت العشاء قائما حتى يذهب ثلث الليل "

قال الماوردي : اختلف نص الشافعي على حسب اختلاف الرواية فيه فقال في القديم ، والإملاء : آخره نصف الليل ، وقال في الجديد : آخره ثلث الليل . فاختلف أصحابنا ، فكان جمهورهم يخرجون ذلك على قولين :

أحدهما : أنه إلى نصف الليل وهو في الصحابة قول ابن مسعود ، وفي التابعين قول مجاهد ، وقتادة ، وفي الفقهاء قول أبي حنيفة وأبي ثور

ووجهه رواية عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وقت المغرب ما لم يسقط نور الشفق ، ووقت العشاء إلى نصف الليل

وروى أنس بن مالك قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء حين ذهب نصف الليل "

والقول الثاني : أنه إلى ثلث الليل وهو في الصحابة قول عمر ، وأبي هريرة ، وفي الفقهاء قول الأوزاعي ، والثوري

ووجهه حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أمني جبريل فصلى بي عشاء الآخرة في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل وكان أبو العباس بن سريج يمنع تخريج ذلك على قولين ، ويجعل اختلاف الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما حكينا ، واختلاف النص عن الشافعي فيما ذكرنا على اختلاف حال الابتداء والانتهاء ، فيستعمل رواية من روى إلى ثلث الليل على أنه آخر وقت الابتداء بها ، ورواية من روى إلى نصف الليل على أنه آخر وقت انتهائها حتى لا يعارض بعضها بعضا ، ولا يكون قول الشافعي فيه مختلفا

التالي السابق


الخدمات العلمية