فصل : فإذا ثبت أنها تجب بطلوع الفجر الثاني ، فقد اختلف فيها ،
هل هي من صلاة الليل أو من صلاة النهار ؟ فقال قوم : هي من صلاة الليل . حكي ذلك عن
حذيفة بن اليمان ، والشعبي ، والحسن بن صالح لقوله صلى الله عليه وسلم :
صلاة النهار عجما إلا الجمعة ، والعيدين ولأنه لما كان ما بعد غروب الشمس من الليل ، اقتضى أن يكون ما قبل طلوعها من الليل
وقال آخرون : هي من صلاة النوم وليست من صلاة النهار ولا من صلاة الليل ، لقوله تعالى :
تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل [ آل عمران : 27 ] ، فاقتضى أن
[ ص: 30 ] يكون زمان ولوج الليل في النهار وليس من الليل ولا من النهار ، ويكون الليل الذي لم يلج فيه شيء من النهار ليلا وهو ما قبل الفجر ، والنهار الذي لم يلج فيه شيء من الليل نهارا ، وهو ما بعد طلوع الشمس ، ومذهب
الشافعي ومالك ، وأبي حنيفة ، أنها من صلاة النهار ، وأول صلاة النهار طلوع الفجر لقوله تعالى :
وأقم الصلاة طرفي النهار [ الإسراء : 78 ] . والمراد بالطرف الأول : صلاة الصبح في قول جميع المفسرين ، وقد أضافها إلى النهار ، ولأننا وجدنا ضياء النهار يطرأ على ظلمة الليل في الفجر ، كما طرأت ظلمة الليل على ضياء النهار في المغرب ، فلما كان الحكم للطارئ في المغرب لا للزائل وجب أن يكون الحكم للطارئ في الفجر من الضياء لا للزائل ، ولأنه لما لم يجز أن يكون ما بعد غروب الشمس زمانا ليس من الليل ولا من النهار وإن كان وقتا لولوج أحدهما في الآخر ، لم يجز أن يكون ما قبل طلوع الشمس زمانا ليس من الليل ولا من النهار وإن كان وقتا لولوج أحدهما في الآخر