فصل : ولمن قال بفساد المخابرة ثلاثة وجوه يتوصل بكل واحد منها إلى صحة
الشركة في الزرع :
أحدها : أن يشتركا في منفعة الأرض إما بملك رقبتها ، أو بإجارتها ، أو استعارتها ، أو تكون لأحدهما فيؤجر صاحبه أو لغيره نصفها مشاعا ، فتصير منفعة الأرض لهما ثم يشتركان في البذر والعمل ، فيصير الزرع بينهما .
والوجه الثاني : أن يقول صاحب الأرض للعامل : قد أجرتك نصف أرضي مشاعا سنة بدينار ، واستأجرت نصف عملك ونصف عمل ما قد شاهدته من بقرك وآلتك سنة بدينار ، ثم يقع القصاص والإبراء ، ويخرجان البذر بينهما فيصيران شريكين في الزرع .
والوجه الثالث : أن يقول صاحب الأرض للعامل : قد أجرتك نصف أرضي مشاعا بنصف عملك ونصف عمل ما شاهدته من بقرك وآلتك سنة ، فيصير كل واحد منهما مستأجرا لنصف ما لصاحبه سنة ، بنصف ما للآخر سنة ، أو يعقدان ذلك سنين معلومة ، ثم يخرجان البذر بينهما ، فيصيران شريكين في الأرض والبذر والعمل ، فيصير الزرع بينهما .
فإن أراد أن يكون لصاحب الأرض الثلث وللعامل الثلثان ، قال صاحب الأرض : قد أجرتك ثلثي أرضي بثلث عملك ، ويخرج صاحب الأرض ثلث البذر ، فيصير ثلث الزرع لصاحب الأرض ، وثلثاه للعامل .
ولو أراد أن يكون لرب الأرض ثلثا الزرع وللعامل الثلث ، قال رب الأرض : قد أجرتك ثلث أرضي بثلثي عملك ويخرج ثلثي البذر ، فيصير لرب الأرض ثلثا الزرع ، وللعامل الثلث . وإن أراد أن يكون البذر من رب الأرض والزرع بينهما ، قال رب الأرض : قد استأجرت نصف عملك بنصف هذا البذر ونصف منفعة هذا البذر ، فيصير الزرع بينهما نصفين .
وإن
أراد أن يكون البذر من العامل ، قال رب الأرض : قد أجرتك نصف أرضي بنصف عملك ونصف هذا البذر ، فيصير الزرع بينهما نصفين .
وقال
أبو حامد الإسفراييني : إذا عقدا على الوجه الذي يكون البذر فيه من أحدهما فهو بيع وإجارة ، فيخرج على قولين .
وليس الأمر فيه على ما قاله ، بل هو عقد إجارة محضة ، والأجرة فيها نصف البذر ونصف العمل ، فيصح قولا واحدا ، وبالله التوفيق .