فصل : واستدل
مالك على أن إجارتها
بالطعام وبما ينبت من الأرض لا يجوز ، بحديث
سليمان بن يسار ، عن
رافع بن خديج ، عن بعض عمومته ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923437من كانت له أرض فليزرعها ، أو ليزرعها أخاه ، ولا يكاريها بثلث ولا ربع ولا بطعام مسمى وروى
طارق بن عبد الرحمن ، عن
سعيد بن المسيب ، عن
رافع بن خديج قال :
نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة وقال : إنما يزرع ثلاثة : رجل له أرض فهو يزرعها ، ورجل منح أرضا فهو يزرع ما منح ، ورجل استكرى أرضا بذهب أو فضة .
ولأن
استكراء الأرض ببعض ما يخرج منها باطل كالمخابرة .
ودليلنا على
مالك رواية
الأوزاعي ، عن
حنظلة بن قيس الأنصاري قال :
سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق ، فقال : لا بأس بها ، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما على الماذيانات ، وأقبال الجداول ، وأشياء من الزرع ، فيهلك هذا ويسلم هذا ، ويسلم هذا ويهلك هذا ، ولم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه ، فأما شيء مضمون معلوم فلا بأس به فكان هذا على عمومه مع شبيهه على معنى النهي ، فصار هذا تفسيرا لما أجمله من النهي .
[ ص: 455 ] ولأن ما صح أن يؤاجر بالذهب والورق ، صح أن يؤاجر بالبر والشعير ؛ كالدور والعقار ، ولأن ما صح أن تؤاجر به الدور والعقار ، صح أن تؤاجر به الأرضون كالذهب والورق .
فأما الجواب عما استدل به
الحسن من حديثي
رافع في النهي عن كراء الأرض فمحمول على ما فسره في هذا الحديث من كرائها بما على الماذيانات : لأن الروايات عن
رافع مختلفة .
وأما الجواب عن جمعه بين الأرض ، وبين النخل والشجر فهو أن المستفاد من النخل أعيان ، ومن الأرض آثار .
وأما الجواب عما استدل به
مالك من حديثي
رافع فهو ما ذكرنا ، ونهيه عن إجارتها بطعام مسمى يعني من الأرض المؤاجرة .
وأما الجواب عن قياسه على المخابرة ، فهو أن العوض في المخابرة لا يثبت في الذمة ، وفي الإجارة يثبت في الذمة ، والله أعلم .