مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإذا تكاراها ، والماء قائم عليها ، وقد ينحسر لا محالة في وقت يمكن فيه الزرع ، فالكراء جائز ، وإن كان قد ينحسر ولا ينحسر كرهت الكراء إلا بعد انحساره " .
[ ص: 461 ] قال
الماوردي : وصورتها في
أرض دخلها الماء حتى علا عليها ، وأقام فيها فاستؤجرت للزرع فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون الماء كثيرا يمنع من مشاهدتها لكدره وكثرته ، ولم تتقدم رؤية المستأجر لها قبل علوه ، فالإجارة باطلة للجهل بحال ما تناوله العقد .
والضرب الثاني : أن يكون الماء صافيا لا يمنع من مشاهدتها ، أو يكون قد تقدم رؤية المستأجر لها قبل علو الماء عليها ، وإن كان مانعا من مشاهدتها فهما في الحكم سواء ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يستأجرها لما يمكن زرعه مع بقاء الماء عليها كالأرز فالإجارة جائزة .
والضرب الثاني : أن لا يمكن زرعه مع بقاء الماء عليه كالحنطة ، فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يعلم بجاري العادة أن الماء لا ينحسر عنها قبل وقت الزراعة فالإجارة باطلة : لأن استيفاء ما استؤجرت له متعذر .
والقسم الثاني : أن يشك في انحسار الماء عنها قبل وقت الزراعة فالإجارة باطلة ؛ إسقاطا للشك واعتبارا باليقين في بقاء الماء ، والله أعلم .
والقسم الثالث : أن يعلم أن الماء ينحسر عنها يقينا قبل وقت الزراعة ، فإن كان ذلك : لأن لها مغيضا يمكن إذا فتح الماء أن يغيض فيه ، فالإجارة جائزة للقدرة على إرسال مائها ، والمكنة من زراعتها ، وإن كان ذلك للعادة الجارية فيها فإنها تشرب ماءها ، وتنشفه الأرض والرياح عرفا قائما فيها ، وعادة جارية لا يختلف فيها ، ففي صحة إجارتها وجهان :
أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق المروزي ، والظاهر من مذهب
الشافعي - رضي الله عنه - أن الإجارة جائزة لما استقر من العرف فيها .
والوجه الثاني : حكاه
أبو علي بن أبي هريرة عن بعض المتقدمين أن الإجارة باطلة : لأن زرعها في الحال غير ممكن ، وارتقاء الماء عليها يقين .