مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن غرقها بعد أن صح كراؤها نيل ، أو سيل ، أو شيء يذهب الأرض ، أو غصبت انتقض الكراء بينهما من يوم تلفت الأرض " .
قال
الماوردي : وصورتها في
أرض استؤجرت للزرع فغرقت ، أو غصبت ، فلا يخلو حال غرقها أو غصبها من أحد أمرين ، إما أن يكون زمانا يسيرا كالثلاث فما دون ، فالإجارة صحيحة لا تبطل بما حدث من غرقها أو غصبها ، في هذه المدة اليسيرة ، لكنه عيب قد طرأ ، والمستأجر لأجله بالخيار بين المقام أو الفسخ ، وإن كان الزمان كثيرا ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون في ابتداء المدة من حين الإجارة ، فقد بطلت للحائل بين
[ ص: 462 ] المستأجر وما استأجره ، كما لو مات العبد ، أو انهدمت الدار ، ثم للمستأجر أن يرجع بالأجرة كلها .
والضرب الثاني : أن يكون بعد مضي بعض المدة ، كأنه مضى من المدة نصفها ، وبقي نصفها ، فالإجارة فيما بقي منها باطلة ، ثم مذهب
الشافعي - رضي الله عنه - جوازها فيما مضى ، ومن أصحابنا من خرج قولا ثانيا : أنها باطلة فيما مضى لبطلانها فيما بقي ؛ جمعا للصفقة ومنعا من تفريقها في الحكم ، وهو تخريج فاسد ، لما تقدم من تعليل فساده .
فإذا قيل بهذا التخريج في بطلان ما مضى ، وما بقي رجع المستأجر بجميع المسمى ، ورجع المؤجر بأجرة مثل ما مضى ، وإذا قيل بصحتها فيما مضى وأن تبطل فيما بقي ، فالمذهب لزومه وسقوط خيار المستأجر فيه ، فعلى هذا يقيم عليه بقسطه من الأجرة ، وفيه وجه آخر أن له فيه الخيار لما حدث من تفريق الصفقة بين المقام أو الفسخ . فإن فسخ التزم أجرة مثل ما مضى ورجع بالمسمى ، وإن أقام فأصح القولين أنه يقيم بقسطه من الأجرة ، والثاني - وهو مخرج - : أنه يقيم بكل الأجرة ، وإلا فسخ .