مسألة : قال
الشافعي : رحمه الله تعالى : " وإن قال له : ازرعها ما شئت ، فلا يمنع من زرع ما شاء ولو أراد الغراس فهو غير الزرع " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال . إذا
استأجرها ليزرعها ما شاء صح الكراء وله أن يزرعها جميع أصناف الزرع مما يكثر ضرره أو يقل ، فإن زرعها ما يكثر ضرره فقد استوفى جميع حقه ، وإن زرع ما يقل ضرره فقد استوفى بعض حقه وسامح ببعضه .
فإن قيل : فهلا بطلت الإجارة كما لو استأجر دابة ليحمل عليها ما شاء قيل : الفرق بينهما أنه قد يشاء أن يحمل على الدابة ما لا تحتمله فتهلك ، وليس يشاء أن يزرع الأرض ما لا تحتمله : لأنه إن شاء أن يزرع ما تضعف الأرض عن احتماله هلك الزرع دون الأرض .
فأما إذا
استأجرها للزرع فأراد الغرس لم يكن له ذاك : لأن ضرر الغرس أكثر من ضرر الزرع من وجهين :
أحدهما : أنه أدوم بقاء من الزرع .
والثاني : أنه أنشر عروقا في الأرض من عروق الزرع .
ولكن لو استأجرها للغرس فأراد الزرع كان له : لأن ضرر الزرع أقل ، وله أن يستوفي بعض حقه ، وليس له أن يزيد على حقه .
فلو استأجرها للغرس ، فأراد أن يبني فيها لم يجز : لأن ضرر البناء قد يزيد على ضرر الغرس في صلابة الأرض وخشونتها ، ولو استأجرها للبناء لم يكن له أن يزرع ولا يغرس : لأن الزرع والغرس يفسدها ويرخيها .