مسألة : قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو قال رب الأرض بكراء ، وقال المزارع عارية ، فالقول قول رب الأرض مع يمينه ويقلع الزارع زرعه ، وعلى الزارع كراء مثله إلى يوم قلع زرعه ، وسواء كان في إبان الزرع أو غيره ( قال
المزني ) رحمه الله : هذا خلاف قوله في كتاب العارية في راكب الدابة يقول : أعرتنيها ، ويقول : بل أكريتكها ، أن القول قول الراكب مع يمينه ، وخلاف قوله في الغسال يقول صاحب الثوب : بغير أجرة ، ويقول الغسال : بأجرة : أن القول قول صاحب الثوب وأولى بقوله الذي قطع به في كتاب المزارعة . وقد بينته في كتاب العارية " .
قال
الماوردي : قد مضت هذه المسألة في كتاب العارية مستوفاة ولكن نشير إليها لمكان إعادتها ،
فإذا اختلف رب الأرض وزارعها ، فقال ربها : بأجرة ، وقال زارعها : عارية . قال
الشافعي - رضي الله عنه - : القول قول رب الأرض دون الزارع ، وقال في الدابة : إذا
اختلف ربها والراكب ، فقال ربها : بأجرة ، وقال راكبها : عارية ، أن القول قول الراكب دون ربها ، فاختلف أصحابنا فكان
أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة وجمهور أصحابنا ينقلون جواب
[ ص: 473 ] كل مسألة إلى الأخرى ، ويخرجونها على قولين ذكرنا توجيههما . وكان
أبو العباس بن سريج يحمل جواب كل واحدة من المسألتين على ظاهره ، ويجعل
القول في الدابة قول راكبها دون ربها ،
وفي الأرض القول قول ربها دون زارعها اعتبارا بالعرف في إعارة الدواب وإجارة الأرضين .
فإذا قيل : إن القول قول رب الأرض والدابة ، فمع يمينه ، وله أجرة المثل فيما مضى على أصح وجهي أصحابنا ، وفي الآخر المسمى ، وإذا قيل : إن القول قول الزارع والراكب فلا أجرة عليه فيما مضى ، وعليه رفع يده في المستقبل ، فإن كان له في الأرض زرع فإن امتنع من أجرة المثل في المستقبل قلع : لأن قوله إنما قبل في الماضي دون المستقبل ، وإن بذلها أقر زرعه ، والله أعلم