فصل : وأما الضرب الثاني : وهو
ما يختص الارتفاق فيه بأقنية المنازل والأملاك كمقاعد الباعة والسوقة في أقنية الدور ، فينظر فيه ، فإن أضر ذلك بأرباب الدور منعوا من الجلوس إلا بإذنهم ، وإن لم يضر بهم نظر ، فإن كان الجلوس على عتبة الدار لم يجز إلا بإذن مالك الدار ، وهو أحق بالإذن من الإمام ، وإن كان في فناء الدار وحريمها الذي لا يضر بالدار ، ولا بمالكها ففيه قولان :
أحدهما : أنه يجوز لهم الجلوس فيه بغير إذن مالكها : لأن حريم الدار مرفق عام كالطريق ، وليس لرب الدار أن يمنع من جلس ، ولا يقدم عليه غيره .
والقول الثاني : أنه لا يجوز لهم الجلوس فيه إلا بإذن مالكها : لأن مالك الدار أحق بحريمها ، ولا يجوز للمالك وإن كان أحق بالإذن أن يأخذ عليه أجرة كما يجوز أن يأخذ عليه بانفراده ثمنا : لأنه يقع للملك وليس بملك ، فلو كان مالك الدار مولى عليه لم يجز لوليه أن يأذن في الجلوس فيه : لأنه غير مستحق في الملك ، ولا معاوض عليه ، ولا منتفع به ، وسواء
[ ص: 495 ] كان مالك الدار مسلما أو ذميا ، ولمالك الدار إذا أجلس رجلا أن يقيمه منه إذا شاء ويقدم عليه من يشاء ، فأما فناء المسجد فإن كان في الجلوس فيه إضرار بأهل المسجد منعوا منه ، وإن لم يكن فيه إضرار بأهل المسجد فهل يلزم استئذان الإمام فيه أم لا ؟ على وجهين : إن قيل : إن فناء الملك لا يلزم استئذان ربه فيه لم يلزم استئذان الإمام في فناء المسجد ، وإذن الإمام إذن اجتهاد في الأصلح ، وسواء في فناء المسجد جيرانه ، والأباعد .