مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولا ينبغي أن يقطعه من المعادن إلا قدر ما يحتمل ، على أنه إن عطله لم يكن له منع من أخذه ، ومن حجته في ذلك أن له بيع الأرض وليس له بيع المعادن وأنها كالبئر تحفر بالبادية فتكون لحافرها ، ولا يكون له منع الماشية فضل مائها وكالمنزل بالبادية هو أحق به ، فإذا تركه لم يمنع منه من نزله " .
قال
الماوردي : واعلم أن
الإقطاع ضربان : إقطاع إرفاق ، وإقطاع تمليك ، فأما
إقطاع [ ص: 499 ] الإرفاق فهو التمكين من المعدن ليعمل فيه ولا يمنع غيره منه ، فهذا يصح في المعادن الظاهرة والباطنة جميعا ، وأما
إقطاع التمليك فهو الذي يمنع منه في المعادن الظاهرة ، وفي جوازه في المعادن الباطنة قولان مضيا ، فإذا جوزناه فلا ينتفي للإمام أن يقطع أحدا منه إلا قدر ما يحتمل أن يعمل فيه ويقدر على القيام به ، فإن كان واحدا أقطعه قدر ما يحتمله الواحد ، وإن كانوا عشرة أقطعهم قدر ما يحتمل العشرة ، فإن اقتطع أحدا ما لا يقدر على العمل فيه ولا يتمكن من القيام به لم يجز ، لما فيه من تفويت منفعته على المقطع وغيره فصار أسوأ حالا من الحمى الذي ينتفع به من حماه ، وأما قوله على أنه إن عطله لم يكن له منع من أخذه ، فقد اختلف أصحابنا في مراده به فقال بعضهم : أراد به إقطاع الإرفاق دون التمليك ، وقال آخرون : بل أراد به إقطاع التمليك وهو أحد قوليه في أنه يملكه مدة عمله ، ولا يملكه إذا عطله ، فأما ما ظهر بالعمل قبل التعطيل فقد صار في ملكه وله منع غيره منه ، وقال آخرون :
بل أراد به إقطاع التمليك إذا قدره بمدة العمل وشرط فيه زوال الملك عند تعطيل العمل ، فلا يتأيد ملكه قولا واحدا ، والله أعلم .