مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وكل
معدن عمل فيه جاهلي ثم استقطعه رجل ، ففيه أقاويل أحدها أنه كالبئر الجاهلي والماء العد ، فلا يمنع أحد أن يعمل فيه ، فإذا استبقوا إليه فإن وسعهم عملوا معا ، وإن ضاق أقرع بينهم أيهم يبدأ ، ثم يتبع الآخر حتى يتآسوا فيه ، والثاني للسلطان أن يقطعه على المعنى الأول فيه ، ولا يملكه إذا تركه ، والثالث يقطعه فيملكه ملك الأرض إذا أحدث فيها عمارة " .
قال
الماوردي :
أحدها : أنه
كالسر الجاهلي والماء العد ، فلا يمنع أحد يعمل فيه ، فإذا استبقوا إليه فإن وسعهم غلوا معا ، وإن ضاق أقرع بينهم أيهم يبدأ ، ثم يتبع الآخر فالآخر فالآخر حتى يتساووا فيه .
[ ص: 500 ] والثاني : للسلطان أن يقطعه على المعنى الأول يعمل فيه ولا يملكه إذا تركه ، والثالث يقطعه فيملكه ملك الأرض إذا أحدث فيها عمارة .
اعلم أن
المعادن الباطنة ضربان : ضرب لم يعمل فيه ، وضرب عمل فيه ، فأما ما لم يعمل فيه فضربان :
أحدهما : أن يعمل منه بما يشاهد من ظاهره أنه إن عمل فيه ظهر نيله وأجاب ولم يخلف ، فهذا هو الذي ذكرنا اختلاف قول
الشافعي في جواز إقطاعه ، ومن لم يقطع فهو على أصل الإباحة لمن ورده أن يعمل فيه .
والضرب الثاني : أن لا يعلم منه ظهور نيله يقينا ، وقد يجوز أن يخلف ويجوز أن لا يخلف ، فقد اختلف أصحابنا فيه هل يجري عليه حكم الموات في جواز إقطاعه وتأييد ملكه بالإحياء ، أو يجري عليه حكم المعادن ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة أنه يجري عليه حكم الموات في جواز إقطاعه وتأييد ملكه بالإحياء : لأنه من جملة الموات ما لم يتيقن كونه معدنا .
والوجه الثاني : أنه يجري عليه حكم المعادن تغليبا لظاهر أمرها ما لم يتيقن كونه مواتا ، والأول أصح ، والله أعلم بالصواب .