مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وكل ما وصفت من إحياء الموات وإقطاع المعادن وغيرها ، فإنما عنيته في عفو بلاد العرب الذي عامره عشر وعفوه مملوك " .
قال
الماوردي : اعلم أن
الشافعي أراد بهذا الفصل أن جميع ما وصفه من
إحياء الموات وإقطاع المعادن وغيرها من الحمى فإنما هو في بلاد الإسلام فقال : إنما عنيته في عفو بلاد العرب ، يريد بالعفو الموات الذي هو عفو متروك ، ويريد ببلاد العرب بلاد الإسلام : لأن بلاد العرب هي دار الإسلام ومنها بدأ وفيها نشأ ، ثم قال : الذي عامره عشر يعني لا خراج عليه ، وإنما هي أرض عشر يؤخذ العشر من زرعها ، ولا يؤخذ الخراج من أرضها ، ثم قال : وعفوه مملوك ، وروى
الربيع : وعفوه غير مملوك ، فاختلف أصحابنا لاختلاف هذه الرواية ، فكان
أبو علي بن أبي هريرة ،
وأبو حامد المروزي ،
وأبو حامد الإسفراييني ينسبون
المزني إلى الخطأ في نقله حين قال : وعفوه مملوك : لأنه لو كان مملوكا ما جاز إحياؤه ، وأن الصحيح ما نقله
الربيع ، وأن عفوه غير مملوك ليملك بالإحياء ، وكان
أبو القاسم الصيمري وطائفة يقولون : كلا النقلين صحيح ، والمراد بهما مختلف ، فقول
المزني : وعفوه مملوك ، يعني لكافة
[ ص: 502 ] المسلمين ، وذلك
لم يجز لمشرك أن يحيي مواتا في بلاد الإسلام ، وقول
الربيع وعفوه غير مملوك يعني لواحد من المسلمين بعينه : لأن من أحياه منهم ملكه ، فإن قيل : فلم خص
الشافعي رحمه الله بلاد الإسلام بهذا التقسيم من الحكم ، وقد تكون بلاد الشرك مثلها وعلى حكمها ؟ فعن ذلك جوابان :
أحدهما : أنه خص بلاد الإسلام بذلك : لأن أحكامنا عليها جارية بخلاف بلاد الشرك الذي لا تجري عليها أحكامنا .
والثاني : أن بلاد الشرك قد يكون حكمها كبلاد الإسلام في عامرها ومواتها بحسب اختلاف فتوحها ، فلم يجز أن يجمعها في الحكم .