مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وما كان من بلاد العجم صلحا فما كان لهم فلا يؤخذ منهم غير ما صولحوا عليه إلا بإذنهم ، فإن صولحوا على أن للمسلمين الأرض ويكونون أحرارا ثم عاملهم المسلمون بعد ، فالأرض كلها صلح وخمسها لأهل الخمس وأربعة أخماسها لجماعة أهل الفيء ، وما كان فيها من موات فهو كالموات غيره ، فإن وقع الصلح على عامرها ومواتها كان الموات مملوكا لمن ملك العامر ، كما يجوز بيع الموات من بلاد المسلمين إذا حازه رجل " .
قال
الماوردي : قد ذكرنا أن
ما انتقل إلينا من بلاد المشركين ضربان : عنوة وصلحا ، فأما بلاد العنوة فقد ذكرنا حكمها ، وأما
بلاد الصلح فضربان .
أحدهما : أن يعقد الصلح فيها على بقاء ملكهم عليها ، وأن يؤدوا عنها خراجا فهذا جزية تسقط عنهم بإسلامهم ، وهو في العامر والموات على ما كانوا عليه قبل الصلح .
والضرب الثاني : أن يعقد الصلح معهم على أن رقاب أرضهم ملك للمسلمين ، وتقر في أيديهم بخراج يؤدونه عنها ، فهذا خراج أجرة لا تسقط عنهم بإسلامهم ، ويكون الخراج في الموضعين مصروفا في أهل الفيء ، فأما مواتهم فلا يخلو أن يضم إلى العامر في الصلح أو بعقل ، فإن أعقل ولم يذكر فهو في حكم الموات في بلاد المسلمين ، وأرضهم إلى العامر في ملك المسلمين له صار في حكم ما غنم من مواتهم إذا منعوا منه يكون أهل الفيء أولى به ، وهل يكونون أولى به يدا أو ملكا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنهم أولى به يدا ، فإن أحياه غيرهم من المسلمين ملك .
والثاني : أنهم أولى به ملكا ، فإن أحياه غيرهم لم يملكوا ، تعلقا بظاهر قول
الشافعي : كان الموات مملوكا لمن ملك العامر ، ومن قال بالوجه الأول تأول ذلك بتأويلين :
أحدهما : أنه في موات كان عامرا ثم خرب على ما مضى من تقسيم حكمه .
والثاني : أنه جعل ذلك ملكا للمسلمين لا لمن ملك العامر من أهل الفيء : لأن في الفيء خمسا لأهل الخمس وأربعة أخماسه لأهل الفيء وهؤلاء هم كافة أهل الإسلام .