فصل : وأما
ما يقتضي المكافأة فهو ما سوى هذه الوجوه مما يظهر أن المقصود بها طلب المكافأة عليها ، ففي وجوب المكافأة قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم ، وبه قال
مالك : أن المكافأة عليها واجبة ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - لسلمان :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923517إنا نقبل الهدية ونكافئ عليها ، ولرواية
أبي هريرة - رضي الله عنه - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923518أن أعرابيا أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقة فكافأه فلم يرض ، فكافأه فلم يرض ، فلم يزل يكافئه حتى رضي ، ثم قال : هممت أن لا أتهب إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي وإنما خص هذا : لأنهم
[ ص: 550 ] مشهورون بسماحة النفوس وقلة الطمع ، فلولا وجوب المكافأة لما صبر على طمع الأعرابي وأذاه : لأن العرف الجاري في الناس المكافأة بها يجعله كالشرط فيها ، ويكون قبول الهبة رضى بالتزامها .
والقول الثاني : وبه قال في الجديد ، وهو مذهب
أبي حنيفة أن المكافأة عليها غير واجبة ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923215لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ، ولأن ما صح تملكه من غير ذكر بدل لم يستحق فيه البدل كالوصية ، والصدقة ، ولأن العقود لا يختلف استحقاق البدل فيها باختلاف العاقدين لها اعتبارا بسائر العقود من البيع ، والإجارة في استحقاقه ، والوصية والعارية في إسقاطه .