مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن جاء صاحبها وإلا فهي له بعد سنة على أنه متى جاء صاحبها في حياته أو بعد موته فهو غريم إن كان استهلكها " .
قال
الماوردي : إذا استكمل تعريفها حولا ، كان بعده بالخيار بين أن يتملكها وبين أن تكون في يده أمانة ، وبين أن يدفعها إلى الحاكم ليحفظها على مالكها بأن يضعها في بيت
[ ص: 15 ] المال أو على يد أمين . وقال
عبد الله بن عمر :
لا يجوز للواجد بعد تعريف الحول أن يتملكها ، بل عليه أن يضعها في بيت المال . وقال
مالك : إن كان غنيا جاز له أن يتملكها ، وإن كان فقيرا لم يجز لعجز الفقير عن الغرم وقدرة الغني عليه . وقال
أبو حنيفة : يجوز للفقير أن يتملكها دون الغني ، وقد مضى الكلام معه والدليل على جميعهم قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923536فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها ، وروي في بعض الأخبار أنه قال : فإن جاء صاحبها وإلا فهي لك ، وقد أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لعلي - عليه السلام - أن يتملك الدينار وهو لا يجد غرمه حتى غرمه عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبطل به قول
مالك ، وأذن
لأبي بن كعب أن يتملك الصرة وهو غني ، فبطل به قول
أبي حنيفة ، ولأن
الواجد لو منع بعد الحول من تملكها أدى ذلك إلى أحد أمرين : إما أن لا يرغب الواجد في أخذها ، وإما أن تدخل المشقة عليه في استدامة إمساكها ، فكان إباحة التمليك لها بعد التعريف أحث على أخذها وأحفظ على مالكها لثبوت غرمها في ذمته ، فلا تكون معرضة للتلف وليكون ارتفاق الواجد بمنفعتها في مقابلة ما عاناه في حفظها وتعريفها ، وهذه كلها معان استوى فيها الغني والفقير .
ثم مذهب
الشافعي لا فرق بين المسلم والذمي في أخذها للتعريف وتملكها بعد الحول : لأنها كسب يستوي فيها المسلم والذمي .
وقال بعض أصحابنا : لا حق للذمي فيها ، فهو ممنوع من أخذها وتملكها : لأنه ليس من أهل التعريف لعدم ولايته على مسلم ولا ممن يملك مرافق دار الإسلام كإحياء الموات .