الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت أن دفعها بالصفة لا يجب ، فدفعها بالصفة وسعه ذلك إذا لم يقع في نفسه كذبه ، فإن أقام غيره البينة عليها بشاهدين ، أو شاهد وامرأتين ، أو شاهد ويمين ، كان مقيم البينة أحق بها من الآخذ لها بالصفة ، فإن كانت باقية في يد الواصف لها انتزعت منه لمقيم البينة ، وإن كان قد استهلكها نظر في الدافع لها ، فإن كان قد دفعها بحكم حاكم رأى ذلك مذهبا ، فلا ضمان على الدافع ، ورجع مقيم البينة بغرمها على الآخذ لها بالصفة ، وإن كان قد دفعها بغير حكم حاكم فلصاحب البينة الخيار في الرجوع بغرمها على من شاء من الدافع الملتقط أو الآخذ الواصف ، فإن رجع بها على الآخذ لها بالصفة ، فله ذلك لضمانه لها باليد واستحقاق غرمها بالإتلاف ، وقد برئ الدافع لها من الضمان لوصول الغرم إلى مستحقه ، وليس للغارم أن يرجع بما غرمه على الدافع : لأنه إن كان مستحقا عليه فمن وجب عليه حتى لم يرجع به على أحد ، وإن كان مظلوما به فالمظلوم بالشيء لا يجوز أن يرجع به على غير ظالمه ، وإن رجع مقيم البينة بغرمها على الدافع الملتقط نظر في الدافع ، فإن كان قد صدق الواصف لها على ملكها وأكذب الشهود لصاحب البينة عليها ، فليس له الرجوع بغرمها على الآخذ لها بالصفة : لأنه مقر أنه مظلوم بالمأخوذ منه ، فلا يرجع به على غير من ظلمه ، وإن لم يكن قد صدق الواصف ولا أكذب الشهود ، فله الرجوع بالغرم على الآخذ لها بالصفة لضمانه لها بالاستهلاك ، فتكون البينة موجبة عليه وله .

التالي السابق


الخدمات العلمية