مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن كان عبدا وحرا دفع إلى الحر " .
[ ص: 42 ] قال
الماوردي : وهذا صحيح إذا
اجتمع على التقاطه حر وعبد ، فالحر أولى بكفالته من العبد لأمرين :
أحدهما : أن العبد مولى عليه فلم يصح أن يكون واليا .
والثاني : أن العبد ممنوع من كفالته لخدمة سيده ، فلو انفرد العبد بالتقاطه ، فإن كان بإذن سيده فالسيد هو الملتقط : لأن يد العبد يد له وهو المستحق لكفالته ، وإن كان بغير إذن سيده لم يجز ، بخلاف اللقطة في أحد القولين : لأن اللقطة كسب وهذه ولاية ، فلو أخذه السيد من عبده وقد التقطه بغير إذن ، فإن كان بعد رفعه إلى الحاكم فهو أولى : لأن يد العبد لما لم تكن مقرة لم يكن لها حكم ، وصار كأن السيد هو الملتقط له ، وهكذا حكم المدبر في التقاطه كالعبد ، وأما المكاتب فإن عللنا منع العبد منه بأنه من غير أهل الولاية فالمكاتب ممنوع فيه ، وإن عللناه بأنه ممنوع فيه لخدمة السيد فالمكاتب مستحق لكفالته : لأنه أملك من السيد بمنافع نفسه ولو شاركه في التقاطه حر ، كان الحر أولى به منه على العلتين لكمال الحر ونقص المكاتب ، وأما الذي نصفه حر ونصفه عبد فله حالتان :
إحداهما : أن يكون غير مهايأة فهو كالعبد لا حق له في كفالته ما لم يأذن له المالك لرقه لإشراك حكمه ، وأن الشركة فيه مانعة عن كفالته .
والحال الثانية : أن يكون مهايأة ، فلا يخلو حال التقاطه من أحد أمرين :
أحدهما : أن يلتقطه في زمان السيد فيكون فيه كالعبد لا حق له في كفالته .
والثاني : أن يلتقطه في زمان نفسه ففيه وجهان :
أحدهما : أنه مستحق لكفالته : لأنه في زمانه كالحر . والوجه الثاني : لا حق له في كفالته لنقصه وأنه سيعود إلى المنع في غير زمانه وعلى كلا الوجهين لو شاركه الحر في التقاطه كان أحق به منه لكماله على من قصر عن حريته .