فصل : وإن
كانت الجناية عليه في طرف ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون بالغا فهو بالخيار بين أن يأخذ الدية أو يقتص لنفسه على ما ذكرناه من القولين .
والضرب الثاني : أن يكون غير بالغ ، فإن قلنا بإسقاط القود على أحد القولين فليس له إلا دية الطرف ، ويأخذها الإمام له لينفق عليه منها أو يضم إلى ماله إن كان غنيا ، وإن قلنا بوجوب القود على الصحيح من المذهب فللقيط أربعة أحوال :
أحدهما : أن يكون عاقلا غنيا ، فعلى الإمام أن يحبس الجاني عليه إلى أن يبلغ فيختار القود أو الدية ، ولا يجوز للإمام أن يقتات عليه في أمرها ، كما لا يجوز لأب الطفل أن يقتات عليه فيما استحقه من قود أو دية .
[ ص: 49 ] والحال الثانية : أن يكون معتوها فقيرا ، فينبغي للإمام أن يأخذ الدية من الجاني لينفق منها عليه ويعفو عن القود لأمرين :
أحدهما : ظهور المصلحة بعد حاجته بالفقر .
والثاني : بقاؤه في الأغلب على عتهه بعد البلوغ .
والحال الثالثة : أن يكون عاقلا فقيرا ففيه وجهان :
أحدهما : أنه يحبس قاتله ليختار لنفسه ما شاء من قود أو دية تعليلا بظهور عقله .
والوجه الثاني : أن الإمام يأخذ له الدية ويعفو عن القود تعليلا بحاجته وفقره ، ولو بلغ فاختار القود ورد الدية ففيه وجهان : أحدهما له ذلك ، والثاني ليس له ، وعفو الإمام كعفوه ، وهذان الوجهان بناء على عفو الولي عن نفقته هل له المطالبة بها بعد بلوغه أم لا ؟ على وجهين . والحال الرابعة : أن يكون معتوها غنيا فعلى وجهين : يحبس قاتله ليختار لنفسه بعد بلوغه وإفاقته فإما اعتبارا بغيابه عن الدية .
والثاني : أن للإمام أن يأخذ الدية ويعفو عن القود اعتبارا بعتهه وعدم إفاقته في الأغلب .