فصل : وإن
كان المدعي لرق اللقيط أجنبيا غير الملتقط ، فإن لم تكن له بينته ردت دعواه ، وإن كانت له بينة فعلى ضربين : أحدهما : أن تشهد له بالملك فيكون على ما مضى في الشهادة للملتقط . والضرب الثاني : أن تشهد له باليد قبل التقاطه ، ففي الحكم بها قولان : أحدهما : لا يحكم بها لغير الملتقط كما لا يحكم بها للملتقط ولا تكون اليد عليه موجبة لملكه لما ذكرنا من تغليظ حاله ، فعلى هذا لا يحكم بها في ملكه لرقه ، ولكن يحكم بها في تقدم يده واستحقاق كفالته : لأن بينته تشهد بأن يده كانت عليه قبل يد ملتقطه فعلى ما حكاه
[ ص: 63 ] المزني ينتزع من الملتقط ويسلم إليه ليكفله ، وعلى ما أراه أولى يمنع منه لئلا يصير ذريعة إلى استرقاقه .
والقول الثاني ذكره
المزني في جامعه الكبير : أنا نحكم له برقه مع الشهادة له باليد ، بخلاف يد الملتقط : لأن في إقرار الملتقط بأنه لقيط تكذيب لشهوده بأن اليد موجبة لملكه وليس من غير الملتقط إقرار يوجب هذا إلا أن
المزني فيما نقله عن
الشافعي في جامعه الكبير أنه قال بعد الحكم بالشهادة له باليد ويحلف أنه كان في يده رقيقا له ، فإن لم يحلف لم أرقه له فاختلف أصحابنا في إحلافه مع البينة : هل هو واجب أو استحباب ؟ على وجهين : أحدهما أنه واجب لينفي بها احتمال اليد أن تكون بغير ملك ، فإن نكل لم يحكم له برقه .
والوجه الثاني : أنها استحباب وليست بواجبة : لأن اليد إن أوجبت الملك أغنته عن اليمين إذا لم يكن منازع ، وإن لم توجب الملك لم يكن للشهادة بها تأثير ، ولأن في اليمين مع البينة اعتلالا للشهادة .