فصل : وكان المسلمون قبل الهجرة إذا حضر أحدهم الموت قسم ماله بين أهله وأقاربه ومن حضره من غيرهم كيف شاء وأحب ميراثا ووصية ، وفيه نزل قول الله تعالى :
كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين [ البقرة : 180 ] واختلف أهل التفسير في قوله تعالى :
آت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل [ الإسراء : 26 ] على قولين :
أحدهما : أنهم قرابة الميت من قبل أبيه ومن قبل أمه فيما يعطيهم من ميراثه ، والمسكين وابن السبيل فيما يعطيهم من وصيته ، وهذا قول
ابن عباس .
والثاني : أنهم قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا قول
علي بن الحسن والسدي ، ثم توارث المسلمون بعد الهجرة بالإسلام والهجرة ، فكان إذا ترك المهاجر أخوين أحدهما مهاجر والآخر غير مهاجر ، كان ميراثه للمهاجر دون من لم يهاجر ، ولو ترك عما مهاجرا وأخا غير مهاجر كان ميراثه للعم دون الأخ .
قال
ابن عباس : وفي ذلك نزل قوله تعالى :
إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا [ الأنفال : 72 ] . قال
ابن عباس : ثم أكد الله تعالى ذلك بقوله
إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير [ الأنفال : 73 ] يعني أن لا تتوارثوا بالإسلام والهجرة ، فكانوا على ذلك حتى نسخ ذلك بقوله تعالى :
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا [ الأحزاب : 6 ] يعني الوصية لمن لم يرث
كان ذلك في الكتاب مسطورا [ الأحزاب : 6 ] وفيه تأويلان :
أحدهما : كان توارثكم بالهجرة في الكتاب مسطورا .
والثاني : كان نسخه في الكتاب مسطورا .