فصل : ثم إن
الله تعالى فرض المواريث وقدرها وبين المستحقين لها في ثلاث آي من سورة النساء ، نسخ بهن جميع ما تقدم من المواريث ، فروى
داود بن قيس عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن
جابر بن عبد الله nindex.php?page=hadith&LINKID=923564أن امرأة سعد بن الربيع قالت : يا رسول الله : إن سعدا [ ص: 70 ] هلك وترك بنتين ، وقد أخذ عمهما مالهما ، فلم يدع لهما مالا إلا أخذه ، فما ترى يا رسول الله ؟ فوالله لا ينكحان أبدا إلا ولهما مال ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقضي الله في ذلك فنزلت سورة النساء : يوصيكم الله في أولادكم [ النساء : 11 ] الآية . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادعوا إلي المرأة وصاحبها فقال للعم : " اعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فلك " .
وروى
ابن المنكدر nindex.php?page=hadith&LINKID=923565عن جابر بن عبد الله قال : مرضت فأتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني هو وأبو بكر ماشيين ، وقد أغمي علي فلم أكلمه فتوضأ ثم صبه علي فأفقت فقلت يا رسول الله ، كيف أصنع في مالي ولي أخوات قال فنزلت : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة [ النساء : 176 ] إلى آخر السورة ، وقال
ابن سيرين : نزلت هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسير وإلى جنبه
حذيفة بن اليمان فبلغها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حذيفة ، وبلغها
حذيفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - وهو يسير خلفه فبين الله تعالى في هذه الآي الثلاث ما كان مرسلا ، وفسر فبين ما كان مجملا ، وقدرت الفروض ما كان مبهما ، ثم بين بسنته - صلى الله عليه وسلم - ما احتيج إلى بيانه ، ثم قال بعد ذلك
nindex.php?page=hadith&LINKID=923566إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث ، رواه
شرحبيل بن مسلم عن
أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم دعا إلى
علم الفرائض وحث عليه : لأنهم كانوا على قرب عهد بغيره ، ولئلا يقطعهم عنه التشاغل بعلم ما هو أعم من عباداتهم المترادفة أو معاملاتهم المتصلة فيئول ذلك إلى انقراض الفرائض ، فروى
أبو الزناد عن
الأعرج عن
أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923567تعلموا الفرائض فإنها من دينكم وإنه نصف العلم وإنه أول ما ينتزع من أمتي وإنه ينسى . وروى
أبو الأحوص عن
عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923568تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض ، وإن العلم سيقبض حتى يختلف الرجلان في الفريضة لا يجدان من يخبرهما به ، وروى
عبد الرحمن بن رافع التنوخي عن
عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923569العلم ثلاثة ، وما سوى ذلك فهو فضل : آية محكمة ، أو سنة ماضية أو فريضة عادلة .
[ ص: 71 ] وقال - صلى الله عليه وسلم - :
أفرضكم زيد فاختلف الناس في تأويله على أقاويل :
أحدها : أنه قال ذلك حثا لجماعتهم على مناقشته والرغبة فيه كرغبته : لأن
زيدا كان منقطعا إلى الفرائض بخلاف غيره .
والثاني : أنه قال له ذلك تشريفا وإن شاركه غيره فيه كما قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=923571أقرؤكم أبي ، وأعرفكم بالحلال والحرام معاذ ، وأصدقكم لهجة أبو ذر ، وأقضاكم علي ، ومعلوم أن أعرف الناس هو أعرفهم بالفرائض وبالحلال والحرام : لأن ذلك من جملة القضاء .
والثالث : أنه أشار بذلك إلى جماعة من الصحابة كان أفرضهم
زيدا ، ولو كان ذلك على عموم جماعتهم لما استجاز أحد منهم مخالفته .
والرابع : أنه أراد بذلك أنه أشد منهم عناية به ، وحرصا عليه ، وسؤالا عنه .
والخامس : أنه قال ذلك لأنه كان أصحهم حسابا ، وأسرعهم جوابا ، ولأجل ما ذكرناه من هذه المعاني أخذ
الشافعي في الفرائض بقول
زيد .