مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " والكافرون " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : "
الكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكافر " ، وهو قول الجمهور ، وحكي عن
معاذ بن جبل ومعاوية أن المسلم يرث الكافر ولا يرث الكافر المسلم ، وبه قال
محمد ابن الحنفية وسعيد بن المسيب ومسروق والنخعي والشعبي وإسحاق بن راهويه استدلالا بما روي عن
معاذ أنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923581الإسلام يزيد ولا ينقص قالوا : وكما يجوز للمسلم أن ينكح الذمية ولا يجوز للذمي أن ينكح المسلمة ،
[ ص: 79 ] ولأن أموال المشركين يجوز أن تصير إلى المسلمين ، فهذا أولى أن تصير إليهم إرثا ، ولا يجوز أن تصير أموال المسلمين إلى المشركين قهرا ، فلم يجز أن تصير إليهم إرثا .
ودليلنا رواية
علي بن الحسين عن
عمرو بن عثمان عن
أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923582لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم وروى
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923583لا يتوارث أهل ملتين .
وروي عن
الزهري قال : كان لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا على عهد
أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - فلما ولي
معاوية - رحمه الله تعالى - ورث المسلم من الكافر وأخذ بذلك الخلفاء حتى قام
عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - فراجع السنة الأولى ، ثم أخذ بذلك
يزيد بن عبد الملك ، فلما قام
هشام بن عبد الملك أخذ بسنة الخلفاء ، ولأن كل ملتين امتنع العقل بينهما امتنع التوارث بينهما ، كالكافر والمسلم ، ولأن التوارث مستحق بالولاية وقد قطع الله الولاية بين المسلم والذمي ، فوجب أن ينقطع به التوارث ، ولأن بعد ما بين المسلم والذمي أعظم مما بين الذمي والحربي ، فلما لم يتوارث الذمي والحربي لبعد ما بينهما ، كان أولى أن لا يتوارث المسلم والذمي ، فأما قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923581الإسلام يزيد ولا ينقص ففيه تأويلان ، وكل واحد منهما جواب .
أحدهما : أن الإسلام يزيد بمن أسلم من المشركين ولا ينقص بالمرتدين .
والثاني : أن الإسلام يزيد بما يفتح من البلاد .
وأما النكاح فغير معتبر بالميراث ، ألا ترى أن المسلم ينكح الحربية ولا يرثها ، وقد ينكح العبد الحرة ولا يرثها ، وأما أخذ أموالهم قهرا فلا يوجب ذلك أن تصير إلينا إرثا : لأن المسلم لا يرث الحربي وإن غنم ماله ، وهم يقولون إنه يرث الذمي ولا يغنم ماله ، فلم يجز أن يعتبر أحدهما بالآخر .