فصل :
من فروض الأم أن تكون الفريضة زوجا وأبوين فيكون للأم الثلث ما بقي بعد فرض الزوج أو الزوجة والباقي للأب ، وبه قال جمهور الصحابة ، وتفرد
ابن عباس بخلافهم ، وهي المسألة الثانية من المسائل الأربع التي خالفهم فيها فقال : للأم ثلث جميع المال من الزوج والأبوين وفي الزوجة والأبوين استدلالا بقوله تعالى :
وورثه أبواه فلأمه الثلث [ النساء : 11 ] ، فلم يجز أن تأخذ أقل منه .
وحكي عن
محمد بن سيرين مذهب خالف به القولين فقال : أعطيها ثلث ما بقي من زوج وأبوين كقول الجماعة : لأنها لا تفضل على الأب ، وأعطيها من زوجة وأبوين ثلث جميع المال كقول
ابن عباس : لأنها لا تفضل بذلك على الأب .
والدليل على أن لها في المسألتين معا ثلث الباقي بعد فرض الزوج والزوجة قوله تعالى :
وورثه أبواه فلأمه الثلث [ النساء 11 ] ، فجعل للأم الثلث من ميراث الأبوين ، وميراثهما هو ما سوى فرض الزوج أو الزوجة ، فلم يجز أن يزاد على ثلث ما ورثه الأبوان ، ولأن الأبوين إذا انفردا كان المال بينهم أثلاثا للأم ثلثه وللأب ثلثاه ، فوجب إذا زاحمها ذوو فرض أن يكون الباقي منه بينهما للأم ثلثه وللأب ثلثاه ، ولأن الأب أقوى من الأم : لأنه يساويها في الفرض ويزيد عليها بالتعصيب فلم يجز أن تكون أزيد سهما منه بمجرد الرحم .
فإن قيل : فالجد يساوي الأب إذا كان مع الأم عند عدم الأب ، ثم للأم مع الزوج والجد ثلث جميع المال ، وإن صارت فيه أقل من الجد ، كذلك مع الأب ، قيل الأب أقوى من الجد لإدلاء الجد بالأب ، ولإسقاط الأب من لا يسقط بالجد ، ولأنه مساو للأم في درجته مع فضل
[ ص: 100 ] التعصيب ، والجد أبعد منها في الدرجة ، وإن زاد الأب في التعصيب فلقوة الأب على الجد لم يجز أن يساوي بينهما في التفضيل على الأم ، والله أعلم .