فصل : فإذا تقرر أن
فرض الجدة أو الجدات السدس فالجدة المطلقة هي أم الأم : لأن الولادة فيها متحققة والاسم في العرف عليها منطلق ، واختلف أصحابنا في
الجدة أم الأب هل هي جدة على الإطلاق أم بالتقييد ؟ فقال بعضهم هي جدة على الإطلاق أيضا كأم الأم ، وقال آخرون : بل هي جدة بالتقييد . وعلى هذا اختلفوا فيمن
سأل عن ميراث جدة هل يسأل عن أي [ ص: 111 ] الجدتين أراد أم لا ؟ فقال من جعلها جدة على الإطلاق : إنه لا يجاب حتى يسأل عن أي الجدتين أراد ، وقال من جعلها جدة بالتقييد : إنه يجاب عن أم الأم حتى يذكر أنه أراد أم الأب ، والأصح أن ينظر ، فإن كان ميراثها يختلف في الفريضة بوجود الأب الذي يحجب أمه لم يجب عن سؤاله حتى يسأل عن أي الجدتين سأل ، وإن كان ميراثها لا يختلف أجيب ولم يسأل ، ثم اختلفوا في عدد من يرث من الجدات ، فقال
مالك : لا أورث أكثر من جدتين أم الأم وأم الأب وأمهاتهما وإن علون ، ولا أورث أم الجد وإن انفردت . وبه قال
الزهري وابن أبي ذئب وداود ورواه
أبو ثور عن
الشافعي في القديم استدلالا بقضية
أبي بكر - رضي الله عنه - في توريث جدتين ، وكما لا يرث أكثر من أبوين .
وقال
أحمد بن حنبل : لا أورث أكثر من ثلاث جدات . وبه قال
الأوزاعي استدلالا برواية
منصور عن
إبراهيم nindex.php?page=hadith&LINKID=923607أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أطعم ثلاث جدات . قال
منصور : فقلت
لإبراهيم من هن ؟ فقال : جدتا الأب أم أبيه ، وأم أمه ، وجدة الأم أم أمها .
وذهب
الشافعي وأبو حنيفة إلى
توريث الجدات وإن كثرن ، وبه قال جمهور الصحابة والفقهاء لاشتراكهن في الولادة ، ومحادتهن في الدرجة وتساويهن في الإدلاء بوارث ، وهذه المعاني الثلاث توجد فيهن وإن كثرن .
فأما توريث
أبي بكر وعمر - رضوان الله عليهما - الجدتين فإنما ورثا من حضرهما من الجدات ولم يرو عنهما منع من زاد عليهما ، وهكذا المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=923608أطعم ثلاث جدات ، ولا يمنع من إطعام من زاد عليهن ، وليس بممتنع أن يورث أكثر من أعداد الأبوين لأنهن يكثرن إذا علون .