فصل : فإذا
لم يكن ابن مولى فأبو المولى بعده أحق بالولاء من الجد والإخوة لإدلائهم به ، ثم اختلفوا بعد الأب في
مستحق الولاء فقال
أبو حنيفة : الجد أحق به من الإخوة . وبه قال
أبو ثور ، وقال
مالك : الإخوة أحق به من الجد .
وقال
أبو يوسف ومحمد : إنه بين الجد والأخ نصفين . وبه قال
أحمد بن حنبل ،
وللشافعي فيه قولان :
أحدهما : إنه للإخوة دون الجد وهو قول
مالك : لأن الإخوة أقرب إلى الأب من الجد كما أن ابن الابن أحق من الأب ، فعلى هذا يقدم الأخ للأب والأم على الأخ للأب ولا حق فيه للأخ للأم .
والقول الثاني : إن الجد والإخوة فيه سواء كقول
أبي يوسف : لأنه يقاسم الإخوة في المال فقاسمهم في الولاء على هذا لو نقصته مقاسمة الإخوة من ثلث الولاء لم يفرض له الثلث ، بخلاف المال : لأن
الولاء لا يستحق بالفرض ، وإنما يستحق بالتعصيب المحض .
فلو كانوا خمسة إخوة وجدا كان الولاء بينهم أسداسا على عددهم للجد منه السدس ولا يقاسم الجد الإخوة للأب مع الإخوة للأب والأم ، بخلاف المال ، ثم الإخوة مع أبي الجد وجد الجد ، وإن علا كلهم مع الجد الأخير ، فأما
بنو الإخوة والجد فعلى قولين :
أحدهما : أن بني الإخوة أحق بالولاء من الجد ، وهو مذهب
مالك ، وكذلك بنوهم وإن سفلوا .
والقول الثاني : إن الجد أولى من بني الإخوة ، لقرب درجته ولا يحجب اشتراك بني الإخوة مع الجد ، ويقدم من بني الإخوة من كان لأب ولأم على من كان لأب ، ثم بنوهم وبنو بنيهم وإن سفلوا على هذا الترتيب يتقدمون على الأعمام وبنيهم ، ويتقدم الجد بالولاء على الأعمام لأنهم بنوه ، فأما
أبو الجد والعم ففيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : إن أبا الجد أولى بالولاء لولادته .
[ ص: 119 ] والثاني : إن العم أولى بالولاء لقربه .
والثالث : إن أبا الجد والعم سواء ، يشتركان في الولاء يترتبون بعد ذلك ترتيب العصبات ، فإن لم يكن للمولى عصبة فمولى المولى ، فإن لم يكن فعصبته ، ثم مولاه كذلك أبدا ما وجدوا ، فإن لم يوجدوا ووجد مولى عصبته فإن كان مولى آبائه وأجداده ورث : لأن الولاء يسري إليه من أبيه وجده ، وإن كان مولى أبنائه أو أخواته لم يرث : لأن ولاء الابن لا يسري إلى أبيه ولا إلى أخيه ، وإن لم يكن له إلا مولى من أسفل قد أنعم عليه بالعتق لم يرثه في قول الجماعة .
وقال
طاوس : له الميراث استدلالا برواية
عوسجة عن
ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=923615أن رجلا مات ولم يدع إرثا إلا غلاما له كان أعتقه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل له أحد ؟ قالوا : لا إلا غلاما له كان أعتقه . فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميراثه له ، والدليل على ألا ميراث له قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923616الولاء لمن أعتق .
وروي أن
عبد الله بن عمر كان يورث موالي
عمر دون بناته : لأن المولى الأعلى ورث لإنعامه فصار ميراثه كالجزاء ، والمولى الأسفل غير منعم فلم يستحق ميراثا ولا جزاء ، فأما إعطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك له ، فيجوز أن يكون ذلك طعمة منه : لأنه كان أولى بمال بيت المال أن يضعه حيث يرى ، والله أعلم .