مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وليس يعال لأحد من الإخوة والأخوات مع الجد إلا في الأكدرية وهي زوج وأم وأخت لأب وأم أو لأب وجد ، فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وللأخت النصف يعال به ، ثم يضم الجد سدسه إلى نصف الأخت فيقسمان ذلك للذكر مثل حظ الأنثيين ، أصلها من ستة وتعول بنصفها ، وتصح من سبعة وعشرين : للزوج تسعة ، وللأم ستة ، وللجد ثمانية ، وللأخت أربعة " .
قال
الماوردي : اعلم أن
لزيد بن ثابت في
مسائل الجد ثلاثة أصول :
أحدها أنه لا يفرض
للأخوات المنفردات مع الجد ، وحكي عن
علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - أنهما فرضا للأخوات المنفردات مع الجد ، وقد دللنا عليه فيما تقدم .
والثاني : أن يفضل أما على جد ، وحكي عن
عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما - أنهما كانا لا يفضلان أما على جد ، وقد دللنا عليه .
والثالث : ألا يعيل مسائل الجد ، وحكي عن
عمر وعلي وابن مسعود - رضي الله عنهم - أنهم يعيلون مسائل الجد ، والدليل على أنها لا تعول شيئان :
أحدهما : أن الجد يرث مع الإخوة والأخوات بالتعصيب ومسائل العصبات لا تعول .
والثاني : أنه لما كان اجتماع الإخوة والأخوات يمنع من عول مسائل الجد ، فإن انفراد الأخوات مانع من العول فهذه ثلاثة أصول
لزيد عمل عليها في مسائل الجد ولم يخالف شيئا منها إلا في الأكدرية فإنه فارق فيها أصلين منها ،
والأكدرية هي : زوج ، وأم ، وأخت ، وجد ، اختلف الناس فيها على أربعة أقاويل :
أحدها : وهو قول
أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ومن تابعه : أن للزوج النصف ، وللأم الثلث ، وللجد السدس ، وتسقط الأخت ، وقد حكى هذا القول
قبيصة بن ذؤيب عن
زيد .
والقول الثاني وهو قول
عمر وعبد الله بن مسعود : أن للزوج النصف ، وللأم السدس ، وللأخت النصف ، وللجد السدس ، لأنهما لا يفضلان أما على جد ، وعالت بثلثها إلى ثمانية .
والقسم الثالث : وهو قول
علي بن أبي طالب - عليه السلام - أن للزوج النصف ، وللأم
[ ص: 132 ] الثلث ، وللأخت النصف ، وللجد السدس ، وتعول بنصفها إلى تسعة وتقسم بينهما على ذلك .
والقول الرابع : وهو قول
زيد بن ثابت والمشهور عنه للزوج النصف ، وللأم الثلث ، وللأخت النصف ، وللجد السدس ، ويعول نصفها إلى تسعة ، ثم تجمع سهام الأخت والجد وهي أربعة فتجعلها بينهما على ثلاثة فلا تقسم ، فاضرب ثلاثة في تسعة تكن سبعة وعشرين ، للزوج ثلاثة في ثلاثة تسعة ، وللأم سهمان في ثلاثة ستة ، ويبقى اثنا عشر للأخت ثلثها أربعة ، وللجد ثلثاها ثمانية ، ففارق
زيد في هذه المسألة أصلين :
أحدهما : أنه فرض للأخت مع الجد وهو لا يرى الفرض لها .
والثاني : أنه أعال مقاسمة الجد وهو لا يعيلها وأقام على أصله الثالث في جواز تفضيل الأم على الجد ، وإنما فارق فيها أصليه في الفرض والعول لأن الباقي بعد فرض الزوج والأم السدس ، فإن دفعه إلى الجد أسقط الأخت وهو لا يسقطها لأنه قد عصبها ، والذكر إذا عصب أنثى فأسقطها سقط معها كالأخ إذا عصب أخته وأسقطها سقط معها ، ولو كان مكان الأخت أخ أسقطه الجد : لأنه لم يتعصب بالجد كالأخت ، فجاز أن يسقطه الجد ويرث دونه ، فلهذا المعنى لم يفرض للجد وتسقط الأخت ، ولم يجز أن يفرض للأخت ويسقط الجد : لأن الجد لا يسقط مع الوالد الذي هو أقوى من الأخت فلم يجز أن يسقط بالأخت فدعته الضرورة إلى أن فرض لهما وأعال ، ثم لم يجز أن يقر كل واحد منهما على ما فرض له : لأن فيه تفضيل الأخت على الجد والجد عنده كالأخ الذي يعصب أخته ، وكل ذكر عصب أنثى قاسمها للذكر مثل حظ الأنثيين : فلذلك ما فرض
زيد وأعال وقاسم ، وبه قال
الشافعي . واختلفوا في تسمية هذه المسألة بالأكدرية فقال
الأعمش : سميت بذلك لأن
عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلا يقال له
الأكدر فأخطأ فيها فنسبت إليه ، وقال آخرون : سميت بذلك لأن الجد كدر على الأخت فرضها ، وقال آخرون : سميت بذلك لأنها كدرت على
زيد مذهبه في أن فارق فيها أصلين له ، وقد يلقي الفرضيون هذه المسألة في معاياة الفرائض فيقولون : أربعة ورثوا تركة فجاء أحدهم فأخذ ثلثها ، ثم جاء الثاني فأخذ ثلث الباقي ، ثم جاء الثالث فأخذ ثلث الباقي ، ثم جاء الرابع فأخذ الباقي : لأن الزوج يأخذ ثلثها ، ثم الأم تأخذ ثلث الباقي ، ثم الأخت تأخذ ثلث باقيها .