فصل : فإذا ثبت أن ماله يصير فيئا غير موروث فهو مقر على ملكه ما لم يمت أو يقتل ، سواء أقام في دار الإسلام أو لحق بدار الحرب ، وقال
أبو حنيفة : إذا
لحق المرتد بدار الحرب قسم الحاكم ماله بين ورثته المسلمين وأعتق أمهات أولاده ومدبريه وقضى بحلول ديونه المؤجلة ، فإن رجع مسلما رجع بما وجد من أعيان ماله على ورثته ولم يرجع بما استملكوه ولا يرجع في عتق أمهات أولاده ومدبريه استدلالا بما روي عن
عمر بن عبد العزيز : " أنه كتب إليه في أسير تنصر في أرض
الروم فكتب إن جاء بذلك الثبت فاقسم ماله بين ورثته " ، ولأنه بالردة قد صار غيره أملك بالتصرف في ماله فجرى مجرى الموت ، ولأن ما أوجب زوال الملك أوجب انتقاله كالموت .
ودليلنا هو أن كل من جرت عليه أحكام الحياة في غير الأموال قياسا جرت عليه أحكام الحياة في الأموال قياسا على غير المرتد ، ولأن المرتد لا يخلو أن يكون معتبرا بحال المسلم أو بحال المشرك ، وليس يحكم بموت واحد منهما في حياته وكذلك المرتد ، ولأن الله تعالى جعل الميت موروثا والحي وارثا ، فلو جاز أن يصير الحي موروثا لجاز أن يصير الميت وارثا ، ولأن كل ما أوجب إباحة الدم لم يحكم فيه بالموت مع بقاء الحياة كالقتل ، ولأن حدوث الردة لا توجب أحكام الموت كالمقيم في دار الإسلام ، ودخول دار الحرب لا يوجب ذلك كالمسافر إليها ، فأما الأثر المحكي عن
عمر بن عبد العزيز فليس فيه أنه كان مسلما فتنصر ، ولو كان ذلك لجاز أن يكون قسمه بينهم ليتولوا حفظه إلى أن يتبين أمره على أنه مذهب له ، وليس يلزمنا قبوله .
وأما الجواب عن انتقال ملكه وتصرف غيره فيه مع أن في انتقال ملكه اختلافا ، وليس هذا موضع ذكره ، ثم ليس انتقال الملك بموجب لحكم الموت : لأن مال الحي قد تنقل بأسباب غير الموت .