مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو
أوصى بغلامه لرجل وهو يساوي خمسمائة وبداره لآخر وهي تساوي ألفا وبخمسمائة لآخر والثلث ألف ، دخل على كل واحد منهم عول نصف ، وكان للذي له الغلام نصفه ، وللذي له الدار نصفها ، وللذي له خمسمائة نصفها " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : إذا
ضاق الثلث عن الوصايا فللورثة حالتان :
حالة يجيزون ، وحالة يردون . فإن ردوا قسم الثلث بين أهل الوصايا بالحصص ، وتستوي فيه الوصية بالمعين والمقدر .
وحكي عن
أبي حنيفة أن الوصية بالمعين مقدمة على الوصية بالمقدر ، استدلالا بأن القدر يتعلق بالذمة ، فإذا ضاق الثلث فيها زال تعلقها بالذمة ، وهذا غير صحيح ؛ لأن محل
[ ص: 210 ] الوصايا في التركة سواء ضاق الثلث عنها أو اتسع لها ، فاقتضى أن يستوي المعين والمقدر مع ضيق الثلث ، كما يستويان مع اتساعه ، ولأن الوصية بالمقدر أثبت من الوصية بالمعين ، ولأن المعين إن تلف بطلت الوصية به ، والمقدر إن تلف بعض المال لم تبطل الوصية .
فإذا تقرر استواء المعين والمقدر مع ضيق الثلث عنهما ، وجب أن يكون عجز الثلث داخلا على أهل الوصايا بالحصص ، فإذا أوصى بعبده لرجل وقيمته خمسمائة درهم ، وبداره لآخر وقيمتها ألف درهم ، وبخمسمائة لآخر ، فوصاياه الثلاثة كلها تكون ألفي درهم ، فإن كان الثلث ألفين فصاعدا فلا عجز ، وهي ممضاة .
وإن كان الثلث ألف درهم ، فقد عجز الثلث عن نصفها ، فوجب أن يدخل القول على جميعها ، ويأخذ كل موصى له بشيء نصفه ، فيعطي الموصي الموصى له بالعبد نصفه وذلك مائتا درهم وخمسون درهما ، ويعطى الموصى له بالدار نصفها وذلك خمسمائة ، ويعطى الموصى له بالخمسمائة نصفها وذلك مائتا درهم وخمسون درهما ، صار جميع ذلك ألف درهم .
وعلى قول
أبي حنيفة تسقط الوصية بالخمسمائة المقدرة ، ويجعل الثلث بين الموصى له بالعبد والدار ، فيأخذ كل واحد منهما ثلثي وصيته لدخول العجز بالثلث عليهما ، فلو كان الثلث في هذه الوصايا خمسمائة درهم فهو ربع الوصايا الثلاث ، فيعطى كل واحد ربع ما جعل له .
ولو كان الثلث ألفا وخمسمائة ، فيجعل لكل واحد منهم ثلاثة أرباع وصيته ، ثم على هذا القياس ، والله أعلم .