مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو قال أعطوه كلبا من كلابي ، أعطاه الوارث أيها شاء " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال :
الوصية بالكلب المنتفع به جائزة ؛ لأنه لما جاز إحرازه في يد صاحبه ، وحرم انتزاعه من يد صاحبه ، جاز أن يكون وصية وميراثا .
فإذا أوصى بكلب ولا كلاب له فالوصية باطلة ؛ لأنه لا يصح أن يشترى ، ولا يلزم أن يستوهب .
وإن كان له كلاب فضربان : منتفع بها ، وغير منتفع بها .
فإن كانت كلاب كلها غير منتفع بها فالوصية باطلة ، لحظر اقتنائه وتحريم إمساكه .
وإن كانت كلها منتفعا بها ، فكان له كلب حرث وماشية وكلب صيد نظر .
فإن كان الموصى له صاحب حرث ، وماشية ، وصيد ، فالوارث بالخيار في إعطائه أي كلب شاء من حرث ، أو ماشية أو صيد .
وإن كان الموصى له ليس بصاحب حرث ، ولا ماشية ، ولا صيد ، ففي الوصية وجهان :
أحدهما : الوصية باطلة ، اعتبارا بالموصى له ، وأنه غير منتفع به .
والثاني : الوصية جائزة ، اعتبارا بالكلب ، وأنه منتفع به ، وأن الموصى له ربما أعطاه ما ينتفع به .
وإن كان الموصى له ممن ينتفع بأحدها بأن كان صاحب حرث لا غير ، أو صاحب صيد لا غير ، فالوصية جائزة وفيها وجهان :
أحدهما : يلزم الوراث أن يعطيه الكلب الذي يختص بالانتفاع به دون غيره ، اعتبارا بالموصى له .
والثاني : أن للوارث الخيار في إعطائه أي الكلاب شاء ، اعتبارا بالموصى به .
فأما الوصية بالجرو الصغير المعد للتعليم ، ففي جوازها وجهان من اختلاف الوجهين في اقتنائه :
أحدهما : اقتنائه غير جائز ، والوصية به باطلة ؛ لأنه غير منتفع به في الحال .
والوجه الثاني : أن اقتنائه جائز ؛ لأنه سينتفع به في ثاني حال ، ولأن تعليمه منفعة في الحال .
[ ص: 237 ]