مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " أعطوه طبلا من طبولي وله طبلان للحرب واللهو أعطاه أيهما شاء ، فإن لم يصلح الذي للهو إلا الضرب لم يكن لهم أن يعطوه إلا الذي للحرب " .
قال
الماوردي : وأصل هذه المسائل أن
الوصية بما لا منفعة فيه باطلة .
والوصية بما فيه منفعة على ثلاثة أضرب : منفعة مباحة ، ومنفعة محظورة ، ومنفعة مشتركة بين الحظر والإباحة .
فإن كانت المنفعة مباحة ، جاز بيع ذلك ، والوصية به .
وإن كانت المنفعة محظورة ، لم يجز بيعه ، ولا الوصية به .
وإن كانت مشتركة ، جاز بيعه والوصية به لأجل الإباحة .
ونهي عن استعماله في الحظر .
فإذا ثبت هذا
وأوصى له بطبل من طبوله ، فإن لم يكن له إلا طبول الحرب ، فالوصية به جائزة ؛ لأن طبل الحرب مباح ، ثم ينظر ، فإن كان اسم الطبل ينطلق عليه بغير جلد ، دفع إليه الطبل بغير الجلد ، وإن كان لا ينطلق عليه الاسم إلا بالجلد دفع إليه مع جلده .
وإن كانت طبوله كلها طبول اللهو ، فإن كانت لا تصلح إلا للهو فالوصية باطلة ؛ لأن طبول اللهو محظورة ، وإن كانت تصلح لغير اللهو في غير المنافع المباحة جازت الوصية بها .
وإن كانت طبوله نوعين : طبول حرب ، وطبول اللهو ، فإن كانت طبول اللهو لا تصلح لغير اللهو ، لم يعط إلا طبل الحرب ،
[ ص: 239 ] وإن كانت طبول اللهو تصلح لغيره من المباحات ، كان الوارث بالخيار في إعطائه ما شاء من طبل لهو أو حرب ، لانطلاق الاسم عليها ، إلا أن يدل كلامه على أحدهما ، فيحمل عليه كقوله أعطوه طبلا للجهاد أو الإرهاب ، فلا يعطى إلا طبل الحرب .
وإن قال طبلا للفرح والسرور ، لم يعط إلا طبل اللهو .
فأما
الوصية بالدف العربي فجائزة لورود الشرع بإباحة الضرب به في المناكح ، والله أعلم .