فصل : والقسم الثالث : أن  
يطلق الوصية بالحج ، فلا يجعله في الثلث ولا من رأس المال     . فالذي نص عليه  
الشافعي   في المناسك في كتابه الجديد : أنه يحج عنه من رأس المال . وقال في هذا الموضع من الوصايا بالحج عنه من ثلثه .  
فاختلف أصحابنا : فكان  
أبو الطيب بن سلمة   وأبو حفص بن الوكيل   يخرجان ذلك على قولين :  
أحدهما : يكون من رأس المال ، كما لو لم يوص به ، لوجوبه كالديون .  
والقول الثاني : أنه يكون من الثلث ، ليستفاد بالوصية ، ما لم يكن مستفادا بغيرها .  
وقال  
أبو علي بن خيران      :   
[ ص: 246 ] ليس هذا على اختلاف قولين ، بل الحكم على حالين ، فالذي جعله في الثلث هو أجرة مثل السير من بلده إلى الميقات ، والذي جعله من رأس المال هو أجرة المثل من الميقات .  
وقال  
أبو إسحاق المروزي      : وقال  
أبو علي بن أبي هريرة      : إنه يكون ذلك من رأس المال قولا واحدا .  
والذي قاله هاهنا أنه يكون في الثلث إذا صرح بأنه في الثلث توفيرا على ورثته ، ألا تراه قال : فإن لم يبلغ تمم من رأس المال ، فإن قلنا : إنه يكون من رأس المال : أحج عنه من ميقات بلده ، وإن قلنا : يكون من الثلث ، فعلى وجهين :  
أحدهما : من بلده ، والثاني : من ميقات بلده .  
والذي قاله هاهنا إذا كان الحج واجبا ، وسواء كان حج الإسلام أو نذرا أو قضاء .  
ومن أصحابنا من فرق بين حجة النذر وغيرها ، فجعل حجة النذر في الثلث ؛ لأنه تطوع بإيجابها على نفسه وسوى الأكثرون بينها وبين الواجبات .