مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن مات قبل أن يقبل أو يرد قام ورثته مقامه ، فإن قبلوا فإنما ملكوا أمة لأبيهم وأولاد أبيهم الذين ولدت بعد موت سيدها أحرار وأمهم مملوكة ، وإن ردوا كانوا مماليك وكرهت ما فعلوا ( قال
المزني ) : لو مات أبوهم قبل الملك لم يجز أن يملكوا عنه ما لم يملك ، ومن قوله أهل شوال ، ثم قبل كانت الزكاة عليه وفي ذلك دليل على أن الملك متقدم ، ولولا ذلك ما كان عليه زكاة ما لا يملك " .
قال
الماوردي : هذا صحيح ، وجملته : أن موت الموصي لا يخلو أن يكون في حياة الموصى له أو بعد موته ، فإن
مات الموصى له في حياة الموصي ، فالذي عليه جمهور الفقهاء أن الوصية له قد بطلت وليس لوارثه قبولها بعد موت الموصي .
وحكي عن
الحسن البصري أن الوصية لا تبطل بموته ولورثته قبولها .
وهذا فاسد من وجهين : أن الوصية في غير حياة الموصي غير لازمة ، وما ليس بلازم من العقود يبطل بالموت ولأن الوصية له لا لورثته ، وهو لا يملك الوصية في حياة الموصي .
وإن
مات الموصى له بعد موت الموصي ، لم يخل حال الموصى له قبل موته من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون قد
رد الوصية قبل موته فقد بطلت برده ، وليس لوارثه قبولها بعد موته إجماعا .
والحال الثانية : أن يكون قد قبلها قبل موته وبعد موت الموصي فقد ملكها ، أو انتقلت بموته إلى وارثه .
وسواء قبضها الموصى له في حياته أم لا ؛ لأن القبض ليس بشرط في تملك الوصية .
والحال الثالثة : أن يموت قبل قبوله ورده .
فعلى مذهب
الشافعي : يقوم وارثه مقامه في القبول والرد ولا تبطل الوصية بموته قبل القبول .
[ ص: 258 ] وقال
أبو حنيفة : إذا مات قبل القبول ، بطلت الوصية له كالهبة ، وهذا فاسد ؛ لأن ما استحقه في التركة لم يسقط بالموت كالدين ، ولأن كل سبب استحق به تملك عين بغير اختيار مالكها لم يبطل بموته ، قبل تملكها كالرد بالعيب . وفارقت الوصية الهبة من حيث أن الهبة قبل القبض غير لازمة ، فجاز أن تبطل بالموت والوصية قبل القبول لازمة ، فلم تبطل بالموت .