فصل : فإذا ثبت أن
الوصية لا تبطل بموت الموصى له قبل الرد والقبول ، فورثته يقومون مقامه في القبول والرد ولهم ثلاثة أحوال :
حال يقبل جميعهم الوصية ، وحال يرد جميعهم الوصية ، وحال يقبلها بعضهم ويردها بعضهم .
فإن قبلوها جميعا ، فعلى القول الذي يجعل القبول دالا على تقدم الملك ، فالمالك للوصية بقبول الورثة ، هو الموصى له لا الورثة .
فعلى هذا يكون أولاد الأمة أحرارا ؛ لأن الأب لا يملك ولده ويجعلها له أم ولد في الموضع الذي تصير بالولادة أم ولد .
فأما القول الذي يجعل القبول ملكا ، فقد اختلف أصحابنا ، هل تدخل الوصية في ملك الموصى له بقبول ورثته أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة وأبي حامد المروزي : أن الوصية يملكها الورثة دون الموصى له ، لحدوث الملك بقبولهم .
فعلى هذا لا يعتق الأولاد الذين ولدتهم بعد القبول ولا تصير الأمة بهم أم ولد ؛ لأن الأخ يملك أخاه .
وعلى هذا لو كانت الوصية مالا لم يقض منها ديون الموصى له .
والوجه الثاني وهو الظاهر من مذهب
الشافعي وبه قال أكثر
البصريين وحكاه
أبو القاسم بن كج عن شيوخه : أن الوصية يملكها الموصى له بقبول ورثته وإن كان القبول مملكا ؛ لأنها لو لم تدخل في ملكه لبطلت ؛ لأن الورثة غير موصى لهم ، فلم يجز أن يملك الوصية من لم يوص له .
فعلى هذا قد أعتق الأولاد الذين ولدتهم بعد القبول وصارت ممن يجب أن تصير به أم ولد .
وعلى هذا لو كانت الوصية مالا ، قضي منها ديون الموصى له .