مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو أوصى له بثلث شيء بعينه استحق ثلثاه ، كان له الثلث الباقي إن احتمله ثلثه " .
قال
الماوردي :
إذا أوصى له بثلث دار هو في الظاهر مالك لجميعها ، فاستحق ثلثي الدار وبقي على ملك الموصي ثلثها .
فالثلث كان للموصى له إذا احتمله الثلث ، وهو قول الجمهور . وقال
أبو ثور : يكون له ثلث الثلث ، استدلالا بأنه لما أوصى له بثلثها وهو في الظاهر مالك لجميعها ، تناولت الوصية ثلث ملكه منها ، فإذا بان أن ملكه منها الثلث وجب أن تكون الوصية بثلث الثلث ؛ لأنه كان ملكه منها ، كمن أوصى بثلث ماله وهو ثلاثمائة درهم ، فاستحق منها مائتان كانت الوصية بثلث المائة الباقية .
وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن ما طرأ من استحقاق الثلثين ليس بأكثر من أن يكون عند الوصية غير ملكه للثلثين ، وقد ثبت أنه لو أوصى له بثلث دار قدر ملكه ، كان له جميع الثلث إذا احتمله الثلث ، كذلك إذا أوصى له بثلثها ، فاستحق ما زاد على الثلث منها .
والثاني : هو أن رفع يده بالاستحقاق كزوال ملكه بالبيع ، وقد ثبت أنه لو باع بعد الوصية بالثلث منها ما بقي من ثلثها صحت الوصية بكل الثلث الباقي بعد البيع ، فكذلك تصح الوصية بالثلث الباقي بعد المستحق ، وليس لما ذكره من الاستدلال بثلث المال وجه ؛ لأن الوصية لم تعتبر إلا في ثلث ملكه وملكه هو الباقي بعد الاستحقاق .
ولو فعل مثل ذلك في الوصية بالدار فقال : قد أوصيت لك بثلث ملكي من هذه الدار فاستحق ثلثاها كان له ثلث ثلثها الباقي ، والله أعلم .