مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو انهدمت في حياة الموصي كانت له إلا ما انهدم منها ، فصار غير ثابت فيها " .
قال
الماوردي : وصورتها في رجل
أوصى لرجل بدار فانهدمت ، فلا يخلو انهدامها من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن تنهدم في حياة الموصي .
والثاني : بعد موته وبعد قبول الموصى له .
والثالث : بعد موته وقبل قبول الموصى له .
فإن
انهدمت في حياة الموصي ، فهذا على ضربين :
أحدها : أن يزول اسم الدار عنها بالانهدام .
والثاني : ألا يزول ، فإن لم يزل اسم الدار عنها لبقاء بنيان فيها يسمى به دارا فالوصية جائزة وله ما كان ثابتا فيها من بنيانها .
فأما المنفصل عنها بالهدم ، فالذي نص عليه
الشافعي : أنه يكون خارجا عن الوصية .
فذهب جمهور أصحابنا إلى حمل ذلك على ظاهره وأنه خارج عن الوصية ؛ لأن ما انفصل عنها دار ، فلم يكن للموصى له بالدار فيه حق .
وحكي عن
أبي القاسم بن كج وجه آخر عن بعض أصحابنا أن نص
الشافعي على خروج ما انهدم من الوصية محمول على أنه هدمه بنفسه ، فصار ذلك رجوعا فيه .
ولو انهدم بسبب من السماء ، لا ينسب إلى فعل الموصي وكان ما انفصل بالهدم للموصى له مع الدار لأنه منها ، وإنما بان عنها بعد أن تناولته الوصية وإن كانت الدار بعد انهدامها لا تسمى دارا ؛ لأنها صارت عرصة لا بناء فيها ، ففي بطلان الوصية وجهان :
أحدهما : لا تبطل ، وهذا قول من جعل الآلة بعد انفصالها ملكا للموصى له .
والوجه الثاني : أن الوصية بها باطلة وهو الأصح ؛ لأنها صارت عرصة لم تسم دارا .
ألا ترى لو حلف لا يدخلها ، لم يحنث بدخوله عرصتها بعد ذهاب بنائها .
وهذا قول من جعل ما انفصل عنها غير داخل في الوصية .
فإن كان
انهدامها ، بعد موت الموصي وبعد قبول الموصى له فالوصية بها ممضاة وجميع ما انفصل من آلتها كالمتصل ، يكون ملكا للموصى له لاستقرار ملكه عليه بالقبول .