مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو
أوصى له بمكيلة حنطة مما في بيته ، ثم خلطها بمثلها لم يكن رجوعا وكانت له المكيلة بحالها " .
قال
الماوردي : قد مضى الكلام فيمن أوصى بصبرة مميزة وأنه متى خلطها بغيرها كان رجوعا .
فأما مسألتنا هذه مصورة في
رجل أوصى لزيد بقفيز من صبرة حنطة في بيته ثم خلطها ، فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يخلطها بمثلها ، فهذا لا يكون رجوعا ؛ لأن القدر الموصى به كان مختلطا بغيره وخالف الحنطة المتميزة التي يصير خلطها رجوعا .
والقسم الثاني : أن يخلطها بأجود منها فهذا يكون رجوعا ؛ لأنه قد أحدث فيها بالخلط زيادة لا يملكها الموصى له ، فصار كالذهب إذا صاغه .
والقسم الثالث : أن يخلطها بأردأ منها ، ففي كونه رجوعا وجهان :
أحدهما وهو قول
علي بن أبي هريرة : لا يكون رجوعا ؛ لأنه نقص أحدثه فيها ، فصار كما لو أخذ بعضها لم يكن رجوعا فيما بقي عنها .
والوجه الثاني : يكون رجوعا ؛ لأن الحنطة تتغير بالأردإ ، كما تتغير بالأجود وجملة ما يكون رجوعا في الوصية مع بقائها على ملك الموصي أن يقصد إلى استهلاكها ، أو يحدث فيها بفعله زيادة لا يمكن تمييزها .
[ ص: 318 ]