فصل : وأما الشرط الثاني وهو العقل فلأن
الجنون يرفع القلم ويمنع من جواز التصرف .
فإن كان ممن يجن في زمان ويفيق في زمان فالوصية إليه باطلة ، سواء قل زمان جنونه أو كثر .
فلو
أوصى إلى عاقل حتى إذا أفاق هذا المجنون كان وصيا له ففيه وجهان :
أحدهما : يجوز كالصبي إذا بلغ .
والثاني : لا يجوز ؛ لأن بلوغ الصبي لازم وإفاقة المجنون مجوزة .
فلو أوصى إلى عاقل وطرأ عليه جنون ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يستديم به فالوصية إليه باطلة .
والثاني : أن يفيق منه ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يطرأ الجنون بعد موت الموصي . فالوصية إليه قد بطلت ، كالوكالة والوكالة تبطل بحدوث الجنون ، فكذلك الوصية .
والضرب الثاني : أن يكون حدوث الجنون والإفاقة في حياة الموصي ، ففي بطلان الوصية إليه وجهان :
أحدهما : قد بطلت كما تبطل بحدوث ذلك بعد موت الموصي .
والوجه الثاني : لا تبطل ؛ لأنه ممنوع من التصرف في حياة الموصي فلم يجز أن يكون ممنوعا بحدوث الجنون ، وليس كذلك حاله بعد الموت .