الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الشرط الثاني وهو العقل فلأن الجنون يرفع القلم ويمنع من جواز التصرف .

فإن كان ممن يجن في زمان ويفيق في زمان فالوصية إليه باطلة ، سواء قل زمان جنونه أو كثر .

فلو أوصى إلى عاقل حتى إذا أفاق هذا المجنون كان وصيا له ففيه وجهان :

أحدهما : يجوز كالصبي إذا بلغ .

والثاني : لا يجوز ؛ لأن بلوغ الصبي لازم وإفاقة المجنون مجوزة .

فلو أوصى إلى عاقل وطرأ عليه جنون ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يستديم به فالوصية إليه باطلة .

والثاني : أن يفيق منه ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يطرأ الجنون بعد موت الموصي . فالوصية إليه قد بطلت ، كالوكالة والوكالة تبطل بحدوث الجنون ، فكذلك الوصية .

والضرب الثاني : أن يكون حدوث الجنون والإفاقة في حياة الموصي ، ففي بطلان الوصية إليه وجهان :

أحدهما : قد بطلت كما تبطل بحدوث ذلك بعد موت الموصي .

والوجه الثاني : لا تبطل ؛ لأنه ممنوع من التصرف في حياة الموصي فلم يجز أن يكون ممنوعا بحدوث الجنون ، وليس كذلك حاله بعد الموت .

التالي السابق


الخدمات العلمية