فصل : فأما إذا
أوصى إلى رجلين جعلهما جميعا وصيين ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يخص كل واحد منهما بشيء من وصيته دون صاحبه .
والثاني : أن يشرك بينهما .
فأما إن خص كل واحد منهما بشيء منها ، مثل أن يجعل إلى أحدهما إنفاذ وصاياه وإلى الآخر الولاية على أطفاله ، أو يجعل إلى أحدهما إخراج الثلث وإلى الآخر قضاء الديون ، فولاية كل واحد منهما مقصورة على ما جعل إليه وليس له التصرف فيما جعل إلى الآخر ، فللموصى له بإنفاذ الوصايا لا ولاية له على الأطفال والموصى له بالولاية على الأطفال ، لا ولاية له في إنفاذ الوصايا .
وقال
أبو حنيفة : النظر في الوصية لا يتميز ولكل واحد منهما النظر في الجميع بما جعل إليه وإلى الآخر ، فالوالي على الأطفال إليه إنفاذ الوصايا والوالي على إنفاذ الوصايا إليه الولاية ، استدلالا بأنها ولاية فلم تقف على شيء دون غيره كولاية الحاكم .
وهذا فاسد ؛ لأن الوصية ولاية عن عقد ، فوجب أن تكون مقصورة على ما تضمنه ذلك العقد كالوكالة ، ولأنه لو جمع بينهما في الكل لما جاز أن ينفرد أحدهما بالنظر في الكل ، فإذا خص أحدهما بالبعض ، فأولى ألا يجوز له النظر في الكل ، ولأن من اؤتمن على بعض المال ، لم يملك بذلك ثبوت اليد على جميعه ، كالمودع والمضارب .