فصل : والقسم الثالث : أن يوصي إليهما ، فلا يأمرهما بالاجتماع ولا يأذن لهما في الانفراد ، فمذهب
الشافعي : عليهما أن يجتمعا على الوصية إذا أطلقت وليس لواحد منهما التفرد بها ، كما لو أمرهما بالاجتماع عليهما .
وقال
أبو يوسف : يجوز لكل واحد منهما أن ينفرد بها .
وقال
أبو حنيفة : يجوز انفراد كل واحد بما يخاف فواته أو ضرره وذلك ستة أشياء : الكفن ، ورد الودائع ، وقضاء الديون ، وإنفاذ الوصايا المعينة ، والنفقة على الأطفال وكسوتهم ، وعليهما الاجتماع فيما سوى هذه الستة ، فإن انفرد بها أحدهما لم يجز .
وكلا المذهبين فاسد ؛ لأن الوصايا موضوعة لفضل الاحتياط وهي أغلظ حالا من الوكالات ، فلما كان توكيل اثنين على الإطلاق يمنع من تفرد أحدهما بالوكالة ، كانت
الوصية إلى اثنين على الإطلاق أولى أن يمنع من تفرد أحدهما بالوصية ، ولأن تخصيص
أبي حنيفة للستة من بين الجميع خوف الضرر ، قول يفسد ؛ لأنه لو ترك طعاما رطبا يخاف تلفه إن ترك لم يكن لأحدهما أن ينفرد ببيعه وإن خيف ضرره ، فكذلك غيره ، فعلى هذا يكون حكم إطلاق الوصية إليهما كالحكم في اجتماعهما عليها ، فإن مات أحدهما أو فسق أبدل
[ ص: 338 ] الحاكم مكانه غيره ، فإن تفرد الباقي منهما بالنظر ، ضمن متعلق بعقد أو اجتهاد ، والله أعلم .