فصل : وأما إخراج ما تعلق بماله من الحقوق فضربان :
حقوق الله تعالى ، وحقوق الآدميين .
فأما حقوق الله تعالى فالزكوات والكفارات .
أما الزكوات فزكاة الفطر وأعشار الزروع والثمار واجبة إجماعا .
وأما زكاة الأموال فقد أسقطها
أبو حنيفة ولم يوجبها إلا على بالغ عاقل .
وعندنا تجب بالحرية والإسلام على كل صغير وكبير ، عاقل ومجنون ، وقد مضى الكلام معه في كتاب الزكاة .
وإذا وجبت لزم إخراجها ولم يجز تأخيرها عن مستحقها ، وقال
عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : " ليس للولي إخراج الزكاة عنه ويتركها في ماله حتى يبلغ الصبي فيخرجها عن نفسه " .
[ ص: 347 ] ودليلنا : ما روي أن
علي بن أبي طالب - رضوان الله عليه - ولي مال يتيم ، فلما بلغ سلم إليه المال ، فنقص كثيرا ، فقالوا له : نقص المال ، فقال : احسبوا قدر الزكاة والنقصان ، فحسبوا فوافق ، فقال : أتراني ألي مالا ولا أخرج زكاته ؟
فلو لم يخرجها الولي لزم اليتيم إذا بلغ أن يخرجها بنفسه ، وأما
حقوق الآدميين فنوعان :
أحدهما : حق وجب باختيار كالديون فعلى الولي قضاؤها إذا ثبتت وطالب بها أربابها ، فإن أبرئوا منها سقطت ، وإن أمسكوا عن المطالبة من غير إبراء ، نظر في مال اليتيم ، فإن كان ناضا ، ألزمهم الولي قبض ديونهم أو الإبراء منها ، خوفا من أن يتلف المال ويبقى الدين .
وإن كان أرضا أو عقارا ، تركهم على خيارهم في المطالبة بديونهم إذا شاءوا .
والنوع الثاني : ما وجب بغير اختيار الجنايات وهي ضربان :
أحدهما : على مال ، فيكون غرم ذلك في ماله كالديون .
والثاني : على نفس ، وذلك ضربان : عمد ، وخطأ . فإن كان خطأ فديته على عاقلته لا في ماله ، وإن كان عمدا ففيه قولان من اختلاف قوليه في عمد الصبي هل يجري مجرى العمد أو مجرى الخطإ :
أحدهما : أنه جار مجرى العمد ، فعلى هذا تكون الدية في ماله .
والثاني : أنه جار مجرى الخطإ ، فعلى هذا تكون الدية على عاقلته .
فأما الكفارة ففي ماله على القولين معا .
وقال
مالك وأبو حنيفة : " لا كفارة على الصبي " .
فهذا ما يجب على الولي في حق اليتيم .