مسألة : قال
الشافعي " ولو
أودعه دابة وأمره بعلفها وسقيها فأمر من فعل ذلك بها في داره كما يفعل بدوابه ، لم يضمن ، وإن بعثها إلى غير داره وهي تسقى في داره ضمن ، وإن لم يأمره بعلفها ولا بسقيها ولم ينهه فحبسها مدة إذا أتت على مثلها لم تأكل ولم تشرب هلكت ضمن ، وإن لم تكن كذلك فتلفت لم يضمن ، وينبغي أن يأتي الحاكم حتى يوكل من يقبض منه النفقة عليها ويكون دينا على ربها أو يبيعها ، فإن أنفق على غير ذلك فهو متطوع " .
[ ص: 365 ] قال
الماوردي : وصورتها في رجل أودع رجلا دابة ، فلا يخلو حاله عند إيداعها عنده من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يأمره بعلفها .
والثاني : أن ينهاه عن علفها .
والثالث : ألا يأمره ولا ينهاه .
فأما القسم الأول وهو أن يأمره بعلفها ، فعليه أن يربطها في حرز مثلها ويعلفها ويسقيها عند حاجتها قدر كفايتها ، فإن علفها مع دوابه في منزله وكان حرزا جاز ، وإن لم يكن حرزا ضمن وإن علفها مع دوابه وفي غير منزله ، فإن لم يكن حرزا ، أو كان إلا أن القيم بها إذا لم يشاهده قصر في علفها ضمن ، وإن كان حرزا والقيم بها إذا أفرده بعلفها مع غير دوابه لم يقصر في علفها لم يضمن ومراد
الشافعي - رضي الله عنه - بإطلاق الضمان ما ذكرنا وهو قول جمهور أصحابنا .
وقال
أبو سعيد الإصطخري : متى
عزلها عن دوابه وعلفها في غير إصطبله ضمنها بكل حال ؛ لأن الظاهر من فعل نظيره لنفسه أن إصطبله أحرز وعلفها مع دوابه أحوط ، فإن ثبت ما وصفنا من حال حرزها وعلفها ، فلا يخلو حاله في الإذن من أحد أمرين : إما أن يشترط له الرجوع أو لا يشترط له الرجوع ، فإن شرط له الرجوع فقال : أنفق عليها لترجع علي ، أو أنفق علي ، ففي وجوب تقديره للنفقة وجهان :
أحدهما : يجب تقديرها لتنتفي الجهالة عن ضمانها وليزول الخلاف بينهما في قدرها ، فعلى هذا إن أنفق عليها من غير تقدير المودع كان متطوعا لا يرجع بنفقته وإن قدر له قدرا رجع به وإن زاد عليه كان متطوعا .
والوجه الثاني : لا يجب تقديرها ؛ لأن لنفقتها حدا يراعى فيه كفايتها فلم يحتج إلى التقدير ، فعلى هذا يجوز إذا كان المالك هو الآذن في النفقة أن يتولاها المستودع بنفسه ويقبل قوله في قدرها إذا لم يدع سرفا ، وإن
لم يشترط له الرجوع بالنفقة حين أذن فيها ، ففي جواز رجوعه بها وجهان :
أحدهما : يرجع اعتبارا بالأغلب من حال الإذن .
والثاني : لا يرجع لاحتمال الإذن .