مسألة : قال
الشافعي : " ولو
أوصى المودع إلى أمين لم يضمن ، فإن كان غير أمين ضمن " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، إذا حضر المستودع الموت ، فإن كان مالكها حاضرا أو وكيله ، لم يجز أن يوصي بها ، كما لا يجوز إذا أراد السفر مع حضور مالكها أن يودعها ، وإن كان مالكها غائبا وليس له وكيل حاضر ، فإن لم يقدر على حاكم جاز أن يوصي بها إلى أمين وإن قدر على الحاكم ، ففي جواز الوصية بها غيره وجهان على ما ذكرنا في السفر ، فإذا جاز له الوصية بها مع عدم الحاكم ومع وجوده في أحد الوجهين اختار لها أمينا ، فإن اختار لها أمينا قد اختاره لوصية نفسه كان أولى ولا ضمان عليه وفي وجوب الإشهاد عليه بها وجهان ، وإن
اختار لها أمينا غير من اختاره لوصية نفسه ، ففي ضمانه وجهان :
أحدهما : لا يضمن وهو قول الأكثرين من أصحابنا ، كما لو أوصى ببعض ماله إلى رجل وبعضه إلى غيره .
والوجه الثاني وهو قياس
أبي سعيد الإصطخري في علف الدابة في غير منزله : أنه يضمن ؛ لأن الظاهر ممن اختاره بنفسه أنه أظهر أمانة ، قلنا : إن أوصى بها إلى غير أمين لم يجز ، سواء جعله وصي نفسه أم لا ، وسواء علم فسقه أم لا ؛ لأن العمد والخطأ في ضمان الأموال سواء ، فإن فعل نظر ، فإن سلمها إليه ضمنها لتفريطه فيها وإن لم يسلمها إليه عند الوصية حتى هلكت ، ففي ضمانه لها وجهان :
أحدهما : أنه لا يضمنها ؛ لأنه ما أحدث فيها فعلا .
والوجه الثاني : يضمنها ؛ لأنه قد سلط عليها وإن لم يقبضها ، فصار ذلك عدوانا ، فوجب الضمان ، فأما إن لم يوص بها حتى مات نظر ، فإن لم يقدر على الوصية لمفاجأة الموت لم يضمن وإن قدر عليها ضمن ، وبالله التوفيق .