فصل : فإن
عين على حرز يحرزها ، فلا يخلو حاله من أن ينهاه عن إخراجها من ذلك الحرز أو لا ينهاه ، فإن لم ينهه عن إخراجها من الحرز الذي عينه جاز إحرازها فيه ، سواء كان حرزا لمثلها أو لم يكن ؛ لأن مالكها بالتعيين قد قطع اجتهاده في الاختيار ، فإن أخرجها من ذلك الحرز فذلك ضربان :
أحدهما : لضرورة أمن غشيان نار أو حدوث غارة ، فلا ضمان عليه بإخراجها منه إذا كان الطريق في إخراجها مأمونا ، ولو تركها مع حدوث هذه الضرورة لكان لها ضامنا ؛ لأنه فرط بتركها .
والضرب الثاني :
أن ينقلها من ذلك الحرز إلى غيره من غير ضرورة حدثت ، فلا يخلو حال الحرز الذي كانت فيه والحرز الذي نقلت إليه من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكون المعين غير حريز والمنقول إليه حريزا ، فلا ضمان عليه .
والثاني : أن يكون المعين حريزا والمنقول غير حريز ، فعليه الضمان .
والثالث : أن يكون المعين غير حريز والمنقول غير حريز ، فعليه الضمان ؛ لأنه قد عدل عن التعيين إلى غيره اختيارا .
[ ص: 369 ] والرابع : أن يكون المعين حريزا والمنقول إليه حريزا ، فينظر في الحرز المعين ، فإن لم يكن لرب الوديعة جاز نقلها ولم يضمن ؛ لأن حقه في الإحراز دون الحرز ، وإن كان ملكا لرب الوديعة ففيه وجهان :
أحدهما : يجوز نقلها ولا يضمنها تغليبا لحكم الحفظ المعتبر مع الإطلاق ولضمنها اعتبارا بالتعيين القاطع للاختيار .
والوجه الثاني : لا يجوز له نقلها اعتبارا بالتعيين القاطع للاختيار .