فصل : وقال
أبو إسحاق المروزي : هي مصورة في
رجل قبل وديعة طوعا ، ثم تغلب عليه متغلب فأكرهه على أخذها منه ، فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يأخذها المتغلب بنفسه من غير أن يدفعها المستودع ولا دلالة عليها ، فهذا غير ضامن لها ؛ لأنه لا يقدر على دفع الأيدي الغالبة .
والقسم الثاني : أن يدفعها بنفسه مكرها ففي ضمانه وجهان :
أحدهما وهو قول
أبي سعيد الإصطخري : لا ضمان عليه ؛ لأنه لا يلزمه أن يقي مال غيره بنفسه ، كما لو صال عليه فحل فغلبه .
والوجه الثاني وهو قول
أبي إسحاق المروزي : أنه ضامن لها ؛ لأنه ليس له أن يقي نفسه بمال غيره ، كما لو ألقى في البحر مال غيره ، وقد جعل هذان الوجهان بناء على الوجهين في الصائم إذا أكره على الفطر فأكل بنفسه ، وتخريجا من القولين في المكره على القتل فعلى هذين الوجهين ، لو امتنع من دفعهما وحلف إنكارا لها ، فإن جعلناه ضامنا للدفع كانت يمينه يمين مكره لا يتعلق بها حنث ، وإن لم نجعله ضامنا بالدفع حنث .
والقسم الثالث : أنه لا يدفعها بنفسه ، ولكن يدل عليها فتؤخذ بدلالته ، فمذهب
الشافعي لا ضمان عليه ؛ لأن الدلالة سبب والأخذ مباشرة ، فصار كالمحرم إذا دل على صيد لم يضمنه ، وقال بعض أصحابنا البصريين : يضمن ؛ لأنه في الوديعة ممنوع من العدوان والتفريط والدلالة واحد منهما فضمن بها وإن كان معذورا .