فصل : ولو
دفع إليه وديعة ولم يشرط عليه أن يضعها في كمه ولا في جيبه ولا في يده ، فإن وضعها في كمه وربطها كان حرزا ، سواء ربطها من داخل كمه أو من خارجه .
وقال
أبو حنيفة : إن جعلها في ظاهر كمه وربطها من داخله لم يضمن ؛ لأنها تصير بعد الربط داخلة في كمه ، وإن جعلها داخل كمه وربطها من خارجه ضمن ؛ لأنها تصير بعد الربط خارجة من كمه وهذا القول لا وجه له ؛ لأن الكم به يصير حرزا لا بانفراده فاستوى الأمران ، فأما إن تركها في كمه ولم يربطها نظر ، فإن كان ذلك خفيفا قد ربما يسقط منه وهو لا يعلم به ضمن ، وإن كان ثقيلا ولا يخفى عليه حال سقوطه لم يضمن ، ولو ترك الوديعة في جيبه ، فإن لم يزره عليها ضمن وإن زره عليها لم يضمن ؛ لأن الجيب أحفظ لها إذا أمن سقوطها منه لبعده من السارق ، فلو كان الجيب مثقوبا وهو لا يعلم به فسقطت ، أو حصلت بين قميصه وهو لا يشعر بها فسقطت ضمنها ، ولو تركها في يده ، فإن كان منزله قريبا كانت يده أحرز ، وإن كان منزله بعيدا ، فإن كانت خفيفة لا يأمن السهو عنها ضمن ولم تكن يده حرزا ، وإن كانت ثقيلة يأمن السهو فيها لم يضمن ، فأما الخاتم إذا لبسه في أصبعه كانت حرزا إذا كان متماسكا في خنصره ، ولو كان واسعا لم يكن حرزا ، ولو لبس الخاتم المستقر في
[ ص: 379 ] خنصره في البنصر من أصابعه لم يضمن ؛ لأنها أغلظ ، ولو لبسه في الإبهام ضمنه ؛ لأنه لا يستمر فيها وإن غلظت ، ولو لبس الخاتم في إحدى يديه ، ثم نقله إلى اليد الأخرى ، فإن كان ذلك لعمل أراد أن يعمله بتلك اليد لم يضمن ، وإن كان بغير سبب ضمن .